أمريكا تدعم تمدد “داعش”.. و”التحالف” ستار للتحرك.

سيطرت “داعش” منذ 2014م على العديد من الأراضي في العراق وسوريا، فيما كان وما زالتا سماء هاتين الدولتين لا تخلو من تواجد طائرات ما يسمى بالتحالف الدولي لمكافحة “داعش” الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
 
الأوضاع في العراق وفي سوريا كانت تزداد سوءا بينما التنظيم التكفيري كان يتمدد أكثر فأكثر، الأمر الذي دعا الكثير من المتابعين والمراقبين إلى التساؤل حول جدية التحالف، وهل فعليًا واشنطن تحاول القضاء على التنظيم الإرهابي أم أنه مجرد ستار يتيح للتنظيم التمدد تحت ذريعة محاربته؟.
 
وبالعودة إلى بدايات الأحداث قبل اكثر من عامين سنجد أن سيطرت داعش على مدينتي تدمر السورية، والرمادي العراقية، في نفس التوقيت تقريبًا، ومن يريد أن يحلل هذا المشهد يجد علاقة حتمية بين سيطرة “داعش” على المدينتين في وقت واحد، وتباطؤ أمريكا في التصدي بتحالفها الذي تقوده للمسلحين من الناحيتين، وتواطؤها أيضًا مع مسلحي التنظيم لتفسح لهم المجال للسيطرة على المدينتين.
جميع التقارير الإخبارية التي كانت ترصد تحركات “داعش” قبل سقوط تدمر بأيام قليلة كانت تؤكد أن هناك أرتالا من المركبات التابعة “لداعش تعبر الحدود العراقية باتجاه تدمر، وأن تحرك هذه الأرتال كان تحت مراقبة قوات التحالف الذي تقوده أمريكا ضد “داعش” ، إلا أنها لم تحرك ساكنًا، ولم تنفذ أي غارات ضد هذه الأرتال كي توقف تحركاتها.
 
وعلى الساحة العراقية وقبل سيطرة “داعش” على الرمادي كانت واشنطن معترضة على مشاركة قوات “الحشد الشعبي العراقي مع الجيش لإنقاذ الرمادي من السقوط، بذريعة تجنب إثارة النعرات المذهبية، وهو ما مهد الأرضية “لداعش” لدخول الرمادي وارتكابها الجرائم الوحشية ضد أهالي المدينة، وبمجرد سقوط المدينة في أيدي التنظيم، تم رفع الفيتو عن الحشد الشعبي، وأعلن المتحدث باسم البنتاجون أن بلاده لا تعارض مشاركة أي فصيل في معركة الرمادي، وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن سقوط الرمادي جاء بسبب “خطأ تكتيكي” إلا أنه أعلن في الوقت نفسه عدم تغيير إستراتيجية أمريكا في محاربة التنظيم.
 
سقوط المدينتين لفت النظر إلى تصريح وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غايت، الذي قال إن بلاده لا تملك إستراتيجية في سوريا والعراق، وإنها تتصرف مع التطورات يومًا بيوم.
أقر العديد من المحللين والمراقبين وحتى وسائل الإعلام الغربية بأن تمدد تنظيم “داعش” في الأراضي العراقية والسورية يقف وراءه دعم أمريكي تنفيذاً لمخطط يهدف إلى تقسيم المشرق العربي، وقال خبراء أمريكيون إن النهج الأمريكي الحالي سمح “لداعش” بتوسيع سيطرتها ونفوذها في سوريا، ومن المرجح أن تستمر الإخفاقات الأمريكية على المدى الطويل إذا استمرت إدارة أوباما، في السير وفقا لاستراتيجيتها الحالية.
 
فجّرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، منذ فترة مفاجأة من العيار الثقيل عندما اعترفت بأن الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس “داعش” لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، حيث جاء في مذكراتها “خيارات صعبة” التي نشرتها في 2014، “دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية وکل شيء کان على ما يرام وجيدا جدًا، وتم الاتفاق على إعلان “داعش” في يوليو عام 2013، وکنا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن وأوروبا بها فورًا”، وأضافت “کنت قد زرت 112 دولة فى العالم، وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء على الاعتراف “بداعش” حال إعلانها فورًا”.
 
وفي السياق ذاته؛ كشفت صحيفة ديلى ميل البريطانية، عن أن تنظيم “داعش” يعرض أكثر من ١٥٠٠ دولار على مقاتليه كمكافأة وكذلك يوفر “شهر عسل” مجانًا في مدينة الرقة السورية، جاء ذلك في الوقت الذي حذرت فيه صحيفة الإندبندنت البريطانية، من أنه مع اقتراب مرور عام على انطلاق التنظيم الإرهابي فإنه من المتوقع أن يكون “داعش” أكثر عنفا من أي وقت مضى.
 
من جانبها؛ أشارت ديلى ميل إلى أن “داعش” أقامت نظاما للرفاه الاجتماعي لعناصرها في سوريا، حيث يمكن أن تمنح المتزوج حديثا مكافأة شهرية تبلغ ١٥٠٠ دولار، و٤٠٠ دولار مقابل كل طفل إلى جانب مرتب شهرى ثابت، وتحدث أحد عناصر “داعش” يدعى أبو بلال الحمصي، مع الصحفيين عبر “سكايب” حيث أكد أنه تلقى ١٥٠٠ دولار من التنظيم ليتزوج من التونسية الأصل ويؤسس منزلًا جديدًا وعائلة.
 
في الوقت ذاته قال تقرير للأمم المتحدة إن شركة لتحويل الأموال لها صلات بمواطن استرالي من المعتقد أنه ظهر في صور وهو يمسك برؤوس مقطوعة لجنود سوريين يشتبه بأنها قامت بتحويل ما يصل إلى 20 مليون دولار استرالي أي ما يعادل 15.47 مليون دولار أمريكي لتمويل عناصر “داعش”، وأضاف التقرير “من المشتبه به أن الشركة كانت ترسل ما يصل إلى 20 مليون دولار استرالي لدول مجاورة لمنطقة الصراع لتمويل الإرهاب”.
 
يتزامن ذلك مع إعلان وزارة العدل الأمريكية أن رجلًا من منطقة هيوستون اتهم بالتآمر لتقديم دعم مادي لداعش، بمحاولة القتال لحساب الجماعة فى سوريا، وتم القبض عليه، وأفادت شكوى جنائية أن “خان” وصديقا له يقيمان في تكساس تآمرا عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك للانضمام للتنظيم فى يناير ٢٠١٤، وتآمر الرجلان مع مؤيد “لداعش” مقره تركيا للوصول إلى سوريا حيث بعث “خان” برسالة قال فيها “أريد الانضمام للتنظيم هل يمكنك المساعدة؟”.
تقرير:هدير محمود