مظلومية وانتصار

استراتيجية النصر اليمني.

استراتيجية النصر اليمني.     بقلم/ صارم الدين مفضل.

بعد مرور اكثر من عام ونصف على العدوان السعودي الامريكي وفشله في تحقيق اي انجاز حقيقي على الارض، وتكبده لخسائر مادية مهولة وصلت لمئات المليارات من الدولارات، وتمريغ انوف جنوده ومرتزقته في التراب إثر تلقيهم للكثير من الضربات الخاطفة التي حصدت المئات من ضباط وجنود وقادة الصفوة في الجيش السعودي والاماراتي ومرتزقة البلاك ووتر وغيرهم من سودانيين وسنغال وحتى اسرائيليين..

وبعد الاعلان عن فشل مفاوضات الكويت، جاء الاتفاق السياسي الموقع بين المكونات الوطنية المناوئة للعدوان نهاية يوليو الماضي، ومباركة وتأييد ابناء الشعب اليمني له؛ لينعكس ايجابا على الروح المعنوية لافراد الجيش واللجان الشعبية ويضاعف من عزيمتهم وقوة ادائهم في التنكيل بالجنود السعوديين والسيطرة على مواقع ونقاط جديدة فيما وراء الحدود.
القوة الصاروخية من جهتها عززت هي الاخرى من فاعليتها وأثبتت قدرتها على الوصول بصواريخها المصنعة محليا الى مدى أبعد مما كانت قد وصلت اليه في السابق، وكانت محطتها النوعية متمثلة بعمليتين نوعيتين:

– الأولى من حيث المدى والهدف يوم الثلاثاء 30 أغسطس في مطار أبها الاقليمي بمنطقة عسير الذي ضربه صاروخ باليستي من نوع زلزال3.
– والثانية من حيث الصاروخ المستخدم والمدى والهدف يوم الخميس 1سبتمبر في قاعدة الملك فهد العسكرية جنوب مدينة الطائف، والتي تم استهدافها بصاروخ بركان1 المطور الذي يبلغ مداه اكثر من 800 كيلومتر.

في الاتجاه المقابل زادت الاتفاقات والقرارات السياسية الاخيرة التي اتخذها اليمنيون من حدة التوتر والارباك والخلاف داخل دول تحالف العدوان، خصوصا بعد كل الانكسارات والهزائم العسكرية التي تلقوها في ميادين المواجهة بمختلف الجبهات، فكان التراجع الامريكي واضحا لصالح ادوار اخرى ولاعبين جدد في مقدمتهم العراق وروسيا وقريبا ايران وعمان والجزائر ودول اخرى.
مصر العربية هي الاخرى ارسلت بالامس -بصورة او بأخرى- برقية سياسية عاجلة مفادها لم يعد التدخل العسكري في اليمن مجديا لأحد!
وقبل ذلك نشرت وسائل الاعلام العربية خبرا هاما يتضمن اعتراض دولة المغرب على استمرار استهداف المدنيين في موقف يهدف للتنصل من المسئولية عنها باعتبارها مشاركة في تحالف العدوان، وهذه المواقف المعلنة لكل من مصر والمغرب هي اشارة على استحياء بالانسحاب من تحالف العدوان على اليمن.

بالعودة للحراك الذي تلعبه القوى الوطنية المناوئة للعدوان، تمكن انصارالله من التنسيق مع الحكومة العراقية لتحقيق انجاز سياسي ودبلوماسي مهم، مستغلين تواجد الوفد الوطني بسلطنة عمان للتحرك على اكثر من مسار سياسي ودبلوماسي واعلامي ومع اكثر من طرف في المنطقة والعالم.
لست على علم تماما بكل ما يدار ولكن هكذا يفترض بفريق خبر اللعبة السياسية وأجاد القفز على حبال تحالف العدوان طيلة 90 يوما من المفاوضات بدولة الكويت.

وهنا يمكن باختصار وضع اهم المكتسبات التي حققتها زيارة الوفد الوطني الى دول العراق الشقيق:

1- كسر الاقامة الجبرية على اعضاء الوفد الوطني المفاوض التي اراد تحالف العدوان فرضها من خلال قراره بمنع عودة الوفد الى صنعاء وابقائهم في سلطنة عمان حتى اشعار اخر.
وهذه ضربة سياسية تلقاها التحالف، حيث لم يكن الوفد ليقوم بهذه الخطوة (زيارة العراق) فيما لو كان قد عاد للعاصمة صنعاء.

2- اعتراف جمهورية العراق بالمجلس السياسي الاعلى كممثل للشعب اليمني، وعلى أعلى مستوى.
وهو اول اعتراف من نوعه يحظى به المجلس السياسي الاعلى من دولة عضو بجامعة الدول العربية والامم المتحدة، في خطوة شكلت ضربة قاصمة لتحالف العدوان والمملكة السعودية تحديدا، وستشجع دولا اخرى على الاعتراف بالمجلس الاعلى في اليمن ولو من قبيل التعبير عن تضامنها مع مظلومية الشعب اليمني التي طالت كثيرا وقد يعرضها للاحراج مستقبلا بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب ضد الانسانية التي ترتكبها طائرات وصواريخ التحالف حتى اليوم بحق المدنيين وفي مقدمتهم الاطفال والنساء.

3- توظيف الانجازات الميدانية وتصعيد ابطال الجيش واللجان الشعبية في جبهة الحدود على وجه الخصوص وما صاحبها من تراجع وارباك في الموقف الامريكي باتجاه قطف ثمرة تلك الانجازات على المستوى الخارجي، فجاء التحرك لزيارة العراق والتواصل مع دول اخرى لتحقيق هذه الغاية التي توفرت ارضيتها وتم التنبه لها بالوقت المناسب في غفلة من تحالف العدوان الذي غرق في بحر من الهزائم والخسائر في الجنود والمعدات العسكرية التي كلفت مبالغ مالية باهضة، وافقدته السيطرة على الارض!

من جانب آخر اتصور ان حزب المؤتمر الشعبي العام استطاع تحقيق انجاز اخر لا يقل أهمية من خلال قدرته على التواصل والتنسيق لاستقدام بعثة اعلامية روسية الى اليمن محققا بذلك:
1- كسر الحصار الجوي عنوة عن تحالف العدوان بوصول طائرة روسية وهبوطها بمطار صنعاء.
2- مقابلة زعيم حزب المؤتمر وبث اللقاء في القنوات الروسية الرسمية، في خرق مهم للحظر الاعلامي على الزعيم من جانب وعلى جرائم العدوان بحق اليمنيين من جانب اخر.
3- كسب تعاطف الحكومة الروسية وبالتالي امكانية انحيازها في مجلس الامن لصالح الشعب اليمني..
مع ان علاقتها باليمن حتى الان انحصرت بفصيل سياسي فيه وهو المؤتمر الشعبي العام، ولم تعترف حتى الان رسميا بالمجلس السياسي لاعتبارات خاصة بها وليس تحفظا عليه، وربما انها تتحضر لاعلان اعترافها به قريبا، وتحديدا في اقرب فرصة يمكن ان تخدم مصالحها هي بالدرجة الاولى!

ومع قناعتي بان هذه التحركات جاءت كثمرة للاتفاق السياسي فيما بين المؤتمر وانصارالله، وما نتج عنها من مكاسب تصب في مجملها لصالح اليمن والشعب اليمني في مواجهة تحالف العدوان، الا ان الانجاز الدبلوماسي الذي حققه انصارالله هو الأهم حتى الان من الناحية القانونية والسياسية لحصوله على اعتراف دولة عربية فاعلة ومؤثرة، وتقع في ذات النطاق الجغرافي لليمن متمثلا بشبه الجزيرة العربية، وهذا بالطبع انجاز يعود بالفائدة على اليمن واليمنيين جميعا وليس على طرف واحد فيه كما يحاول بعض قاصري التفكير ان يروجوا له اعلاميا، وهو ما دفعني لكتابة هذا المقال اعترافا بالفضل لأهله من الطرفين، وليس من قبيل الكيد السياسي لطرف على حساب آخر.

صارم الدين مفضل