الإرهاب وكارثية التواطؤ العالمي

د. أحمد صالح النهمي
المفارقة الساخرة في بيان مؤتمر القمة العربية اللاتينية الرابع المنعقد بالرياض، تتجلى بوضوح  فيما يخص الموقف من الإرهاب، فالمملكة التي تستضيف عاصمتها المؤتمر، وتدين على المستوى النظري الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، منذ أول مؤتمر قمة عربي لاتيني انعقد في البرازيل، هي الدولة نفسها التي تقود تحالف العدوان الإرهابي على اليمن منذ أكثر من ثمانية أشهر متواصلة، وترتكب مقاتلاتها الحربية ــ على مرأى ومسمع من العالم ـــ أبشع جرائم حرب إرهابية في تاريخ الإنسانية بحق المدنيين اليمنيين.
تحاول المملكة في كل المحافل الدولية أن تنفي عن نفسها علاقاتها المباشرة وغير المباشرة مع الجماعات المتطرفة والمنظمات الإرهابية، لكنها لم تنجح كثيرا في هذا الأمر ، فأدبيات هذه الجماعات المتطرفة وخلفياتها الفكرية تستند على الفكر الوهابي الذي ترعاه المملكة وتصدره إلى أنحاء العالم، وأغلب العناصر الإرهابية التي نفذت عمليات إرهابية في مناطق كثيرة من العالم يحملون الجنسية السعودية،  والجديد اليوم هو أن ما تمارسه الجماعات المتطرفة على أكثر من محيط جغرافي لم يعد سوى صدى خافت للإرهاب الدولي الذي تمارسه السعودية في اليمن ابتداء من قتل المدنيين من النساء والأطفال ودك المنازل على رؤوس ساكنيها مرورا بتفجير المساجد وتفخيخ  مقابر الأولياء والصالحين    وصولا إلى استهداف الآثار التاريخية والمعالم الحضارية وسوى ذلك من الأعمال الإرهابية، فما تمارسه الجماعات الإرهابية سرا هنا أو هناك تمارسه السعودية علنا في اليمن على مرأى ومسمع العالم يوميا منذ أكثر من ثمانية أشهر متواصلة مسخرة قنواتها الإعلامية ومنابرها الدينية في تضليل العالم عن جرائمها.
على أن صمت العالم وتواطؤه عن الجرائم الإرهابية التي تمارسها المملكة السعودية في اليمن ليس مؤشرا يكشف فحسب عن مدى إفلاس الضمير الإنساني الذي يعيشه العالم وتهافته على تحقيق الكسب المادي ضاربا عرض الحائط بالقيم الإنسانية والشرائع السماوية والقوانين الأرضية التي تحرم الظلم والعدوان، ولكن هذا الصمت يعد مؤشرا خطيرا جدا يكشف عن تنامي مستقبل الإرهاب وتزايد امتداداته الجغرافية في الأيام القادمة .
إن خلاص العالم اليوم من الإرهاب يتطلب الوقوف بحزم عالمي ومسئوولية إنسانية أمام الإرهاب الدولي الذي تجلت مظاهره في عدوانية السعودية على اليمن، فالإرهاب الدولي هو الحاضن المنتج لإرهاب الجماعات المتطرفة، وهو الراعي الرسمي لها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبدون ذلك ستظل الجماعات الإرهابية في تزايد مستمر وتنام مطرد ما دامت منابعها تحظى بتواطئ عالمي وحماية دولية، وستكون دول التحالف العدواني هي أول من سيحترق بنار الإرهاب الدولي ويعاني من ويلاته تليها الدول المشجعة له والمتواطئة معه.

#فج_عطان: