الحرب الدعائية وطرق التصدي لها (2-3)

في الحلقة السابقة تناولنا عدداً من الوسائل والقيم المهمة التي تمكننا من مواجهة الحرب الدعائية والتضليلية التي تشن ضدنا كشعب يمني وتستهدف نسيجنا الاجتماعي وقيمنا ومبادئنا وهويتنا وعاداتنا في سبيل تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه من خلال عدوانهم الإجرامي في هذه الحلقة سنواصل تناول القيم والمبادئ المهمة في مواجهة الكم الهائل من المعلومات المضللة والمفبركة:

المحافظة على الروح الجهادية
يجب أن نكون نحن في مستوى ننطلق لنؤثر في الآخرين وندفع الآخرين، هذه حالة أيضاً موجودة إلى حد كبير في واقعنا، مع أن هناك نماذج راقية في أوساط المجاهدين، على درجة عالية من الإيمان، عندهم اندفاع كبير في سبيل الله، ولكن لا يزال هناك على المستوى العام والغالب نعاني، فلا ينبغي أن ينقص الاندفاع والتفاعل في سبيل الله سبحانه وتعالى لأن البعض بحاجة إلى دفع، بحاجة إلى تحريض، بحاجة إلى تذكير، والبعض لا ينفع فيه ذلك، هذه مسألة مهمة جداً، الحالة هذه تدل بوضوح على قصور في إيمان الإنسان، قصور في وعيه، قصور في علاقته بالله سبحانه وتعالى.

الحالة العالية من الإيمان والوعي والعلاقة العظيمة بالله سبحانه وتعالى تجعل عند الإنسان اندفاع كبير، وروحية جهادية عالية، أولاً أنه هو ذلك الذي يحب الله، فهو مندفع في سبيل الله بكل رغبة، محبته لله تجعله يندفع في سبيل الله برغبة عالية، ثم هو يخاف من الله سبحانه وتعالى، فهو منطلق في سبيل الله ويدرك خطورة التخاذل، وخطورة التقصير، خطورة التفريط، وأن وراءه عذاب الله، أن المسألة ليست مزاجية ولا سهلة، فتنطلق نظراً لأن عندك تحمس، وتفاعل، ثم يتغير مزاجك فيترجح لك أن تذهب، لا. ليست مزاجية، هذه مسألة يتحدد فيها مصيرك، نجاتك، فوزك، أو هلاكك، إما أن تتوفق وتستمر مع الله سبحانه وتعالى، وتثبت في طريق الحق، أو تتراجع فتخسر، وتهلك.

الإنسان في مقام العمل في سبيل الله عنده قناعة عالية وإيمان كبير بالطريق التي هو فيها، والقضية التي يجاهد من أجلها، هو يدرك أنه مع الحق، على الحق، مع الله، في سبيل الله، في طريق العز، والخير، والشرف، والنجاة، والفوز العظيم، أنه في طريق نهايتها الجنة، والفوز برضوان الله سبحانه وتعالى، والسعادة الأبدية، والنعيم الذي لا نهاية له.

أما تراجعه عن ذلك الطريق فهو تراجع إلى طريق جهنم، إلى الشقاء الدائم، إلى الخسران، والهوان، إلى عذاب الله، والعياذ بالله.

يدرك عظمة العمل الذي هو فيه، يدرك قيمة العمل الجهادي في نجاته، في فوزه، في عزته، في شرفه، في الفضل عند الله سبحانه وتعالى، فيما يحقق هذا العمل من نتائج عظيمة ومهمة في واقع الحياة له، وللناس من حوله.

معرفة ما يهدف العدو إلى تحقيقه من ورائها
دعايات الأعداء متنوعة ومتعددة, منها ما هو لإثارة الشك, ولإثارة الخلل في الداخل, هذا النوع من الدعايات يوجه إلى من ؟ هذا النوع من الدعايات داخل المجاهدين, داخل مجتمعهم, دعايات تثير الشك, إما الشك في المنهج الذي تنتمي إليه, التشكيك مثلاً في المسئولية الجهادية, ومحاولة إثارة الشبه, مثلما كانوا يقولون كيف مجاهدين مسلم يقتل مسلم؟.

ليش ما تقتلوا الأمريكيين, ليش ما تسيروا تقاتلوا الأمريكيين؟. من تقتلوا؟ من تقاتلوا؟ أنتوا بن تقاتلوا يمنيين, إلى آخره, كان بيحاولوا بهذا إثارة شبه, إثارة شك في الداخل, إثارة الشك إما تجاه المنهج, تجاه القيادة, تجاه المسئولية نفسها, أو للتشكيك في حالة الإخاء والترابط في داخل المجتمع المجاهد.

مثلاً: التشكيك فيما بين المجاهدين تجاه بعضهم بعض, ما بين المجتمع والمجاهدين, هذا النوع من الدعايات التي تهدف إلى إثارة الشك, يتوجه إلى داخل المجاهدين, ينشر بطريقة خطيرة, قد لا يتنبه الإنسان أنها دعاية, البعض قد يتكلم عند مجاهد معين, أو بين أوساط المجتمع بدعاية معينة, أو حتى يستغل أحياناً تكون الدعاية استغلال, إما لخطأ معين, أو لتصرف معين, مثلاً نحن نعرف في هذه الفترة أن لدى الأعداء اهتمام كبير جداً لجمع معلومات عن كل المجاهدين المتعقدين, والمتذمرين, بعض المجاهدين معقد, مستاء, إما من تصرف مشرف معين, تصرف معه تصرف قاسي, أو يشعر أنه ليس هناك اهتمام به, أو معاملة سيئة تعاملوا معه معاملة أستاء منها أو ما شابه.
استيعاب عالي للحق
كيف سنواجه حرب الدعايات, سواء الدعايات التي تستهدفنا كمجاهدين لإثارة الشك, أو تستهدف المجتمع من حولنا مجتمعنا, أو تنشر في المجتمعات الأخرى حتى يوجدوا بينها وبيننا وبين هذه المسيرة عائق, وحائل, لا تتقبل مستقبلاً, هذا يحتاج إلى ماذا؟ إلى وعي عال, إلى استيعاب للحق, إلى فهم للحق, من يقتصر على شكليات في هذه المسيرة, قراءة روتينية سطحية بغير تأمل ولا تفهم لبعض الملازم وحمل الشعار – مثلما قلنا في الدرس الماضي – ممكن أن يأتي مرحلة معينة يكون فيها حجم الحرب الدعائية مؤثر عليه وفوق مستوى وعيه, فوق مستوى وعيه ولذلك كلما كان عندنا استيعاب وفهم لهدى الله, نستطيع أن نواجه كل أنواع الباطل, ما يلبس من الباطل غطاء ديني, مثلما بيعملوا الوهابية, الوهابية بيقدموا الباطل باسم الدين, وباسم السنّة, وإلى آخرة, أو ما يلبس بثوب سياسي الدعايات التي يكون لها غطاء سياسي, ويحاربوننا بها, أو بقية الدعايات التي يكون لها إما شكل جنائي, أو شكل اجتماعي, أو أي شيء, عنصري أو غيره, بقدر فهمنا للحق وقدرتنا على تقديمه, نستطيع أن نواجه كل أنواع الباطل, لأن هناك دراسات للواقع, لواقع المجتمع بيعملوا دراسات ويشوفوا من خلال التقييم لواقع كل مجتمع, ماهي الدعاية التي يمكن أن تنفق وتؤثر في هذا المجتمع.

تنمية مهاراتنا وتطوير قدراتنا لمواصلة الارتقاء بوعينا

هناك حاجة ضرورية جدًا, ومسألة مهمة للغاية, أن يحرص الإنسان دائماً للارتقاء على مستوى الوعي, على مستوى الفهم للحق, على مستوى القدرة على تقديم هذا الحق, بالشكل الذي تواجه به دعايات الآخرين, وهذا يحتاج إلى فهم للحق, واستيعاب له, ويحتاج إلى تنمية المهارات والقدرات في تقديم هذا الحق, على كل المستويات, البعض يمكن أن يتعلم الكتابة للمقالات وما شابه, البعض يمكن أن يمتلك قدرات خطابية, البعض يمكن أن يمتلك قدرات في تقديم برامج أو ما شابه. جانبين الفهم للحق, والقدرة على تقديم هذا الحق بالشكل المطلوب, بالشكل المؤثر والمقنع, جانبين مهمين, وتسبق عملية الاستيعاب والفهم للحق بالشكل المطلوب, ثم المهارات والقدرات على تقديم الحق بالشكل المطلوب في مواجهة الباطل.

العمل دائماً على رفع المعنويات كعامل من عوامل القوة
يقول الشهيد القائد: ((القرآن هو يرفع المعنويات بشكل رهيب, يخصم نفسك, يخصم الضعف الذي في نفسك بكله, وتخصم به أي طرف آخر, يظهر موقفه ضعيف أمام موقفك. وكل الأشياء الأخرى هي في الأخير تتوقف على مدى معنويات الإنسان ورؤاه, عندما ترى الطائرة, ترى الصاروخ, ترى مطارات تمشي في البحر, ترى أشياء من هذه, هي كلها تسيِّرها معنويات ورؤى ومفاهيم من أصحابها, هؤلاء عندما يضعفون في هذا الجانب وقفوا هذه الأشياء يوقفوها. هؤلاء عندما يكون هناك من يتحرك بشكل صحيح, على أساس كتاب الله أيضاً يأتي من جهة الله هو ما يجعلهم يتخذون قرارات أخرى, يعني ما تقول مثلاً: هل يستطيع القرآن أن يفجر الصاروخ حق أولئك, أو يخليه كذا؟ يستطيع أن يوقفه محله, يستطيع أن يخلي حاملة الطائرات تُصدِّي في البحر لو أن العرب يسيرون على أساس القرآن, عندما يسيروا على أساس كتاب الله سيحصل تدخل إلهي من جانبه هو؛ ولهذا يقول: [ومن خاصم به خصم] مثلما تقدم في قوله: [من جادل به ظفر]. [برهانه منير مضيء, وتبيانه مسفر جلي]؛ لأنه أحياناً, وهذه مما يجب أن نتنبه لها في إرشاد الناس, وإرشاد نفوسنا, قد تأتي أحياناً تريد تبين لكن ما يزال هناك عقدة؛ لأنه يبقى عقدة أحياناً, إذا ما يزال هناك عقدة واحدة تكون مشكلة [يعني حقيقة الله هو قال: ولينصرن الله من ينصره, لكن هذه الأشياء التي نراها كيف ما هو الحل]!.المشكلة التي تراها ليست أمريكا, أمريكا هو الجندي, هو القادة, هو الإنسان, أمريكا هو الإنسان, تدري من الذي حرك هذه؟ هم اليهود, أعطوا ثقافة, مفاهيم, رؤى, آمال, جعلت هؤلاء يتحركون, هذا معلوم, معلوم حتى عند الأمريكيين أنفسهم أنهم يقولون: هذه الحرب وراءها دفع يهودي, الدفع ما هو في الأخير؟ يا أخي افهم كل قضية هي تنتهي في الأخير إلى تثقيف, ومفاهيم, ورؤى تصنع وتحرك كلها, أو تجمد أمة وتجعلها تائهة, هي هذه.

فالذي حرك هذه المفاهيم, أعطوهم ثقافة معينة أعطوهم آمال دينية أيضاً, إضافة إلى حب السيطرة, والمصالح, والعداء, أعطوهم آمالاً دينية بتغرير وتلبيس رهيب عمله اليهود, الوعود التي كانت من قبل أن يأتي المسيح, وعود بأن يأتي المسيح شغَّلوها فيما بعد؛ لأن اليهود ما زالوا كافرين بأن المسيح عيسى بن مريم هو المسيح الموعود به في الكتب السابقة, طرحوا الموضوع من جديد وبأسلوب جعلوا المسيحي نفسه الذي هو مؤمن بعيسى يتطلع إلى عودة المسيح فعلاً, عودته هو)).

تحصين الأفراد والمجتمعات مسبقاً
يعني: تختلف المسألة حتى باختلاف المناطق, وباختلاف الناس, بعض المناطق يمكن أن ينشروا بينها دعاية ذات صبغة دينية, مثلاً المجتمعات المعروفة بتوجهها الديني, مجتمعات متدينة متوجهة للدين والتدين للدين عندها أهمية, مثل هذا ينشروا بينها دعايات تقدم المجاهدين على أنهم ناس مجرمين. وأنهم ناس بعيدين عن الدين. وأن عندهم أقوال وعقائد سيئة جداً.

مجتمعات عندها توجه سياسي. مثلما بعض المجتمعات كذلك يركزون فيها على دعايات ذات طابع سياسي, وهكذا داخل مجتمعاتنا نحن مجتمعات المجتمعات التي هي حاضنة للمسيرة القرآنية, يدرسون واقع كل مجتمع وماهي الدعاية التي يمكن أن تنفق وتؤثر فيه ثم يعتمدون عليها.