مظلومية وانتصار

المراكز الصيفية تربية ـ وبناء ـ وتحصين

المراكز الصيفية رغم محدودية وقتها تشكل رافداً تربويا وتأهيليا للأجيال الناشئة وتعويضا علميا لما هو حاصل من عجز في المدارس الحكومية نتيجة العدوان الإجرامي الذي استهدف البنية التحتية ودمر الكثير من المدارس ونهب مرتبات المعلمين كما تشكل أيضا تحصينا ثقافيا في ظل استهداف ممنهج للأجيال الناشئة ومحاولات مستميته لجر أطفالنا وشبابنا إلى ساحات التيه والضياع والانحراف عبر وسائل الحرب الناعمة المتعددة والمتنوعة والمتطورة والتي باتت وسائلها في يد كل شخص تقريبا ولها تأثيرها المدمر على شعبنا كبارا وصغارا.

تحصين أطفال اليمن من هذه الحرب التي تمسخ الهويات وتغير القناعات مسؤولية جهادية كبيرة ومقدسة والتفريط فيها جريمة كبيرة ولذلك ليس غريباً أن يولي السيد القائد اهتماماً كبيراً بالمراكز الصيفية من خلال توجيهات وكلماته التي تحث المجتمع اليمني على الاهتمام بهذه الفترة القصيرة في تعليم وتنشئة جيل يقدس دينه وهويته وكرامته وعدم تركهم لثقافة التضليل والتدجين التي تسوقها الوسائل الإعلامية والمنابر الثقافية لدول العدوان وأعداء الشعب اليمني المسلم، أو تركهم للضياع عبر شبكات التواصل والألعاب الالكترونية والقنوات الفضائية المدمرة.

المراكز الصيفية تجربة ناجحة

تجربة المراكز الصيفية بدأت في تسعينيات القرن الماضي وكانت تجربة فريدة من نوعها وبرغم قلة الإمكانيات آنذاك إلا أنها أسهمت بشكل فاعل في تحصين الشباب اليمني من المد الوهابي التكفيري الذي غزى المجتمع اليمني بدعم سعودي وخليجي وأمريكي كان الهدف منه اجتثاث الثقافة القرآنية الداعية إلى وحدة العبودية لله والتحرر من سلاطين الجور، لأن الفكر الوهابي في ذاته فكر سلطوي وجد لخدمة السلطان (اطع الأمير وإن قصم ظهرك وأخذ مالك .. حتى وإن سرق وإن زنا) هذا الفكر حظي باهتمام كبير من قبل الأنظمة الاستبدادية التي تسعى للتوريث وهو ما مكنه من الانتشار واستلام المدارس والمعاهد والجامعات وإنشاء المراكز التي تستقطب المئات حتى من خارج اليمن أشهرها مركز دماج في قلب معقل الزيدية في محافظة صعدة..

وقد كان للمراكز الصيفية دور جوهري في حماية المجتمع والشباب اليمني من هذا الفكر الدخيل رغم لجوئه في الضغط على المعارضين من خلال التضييق في المدارس الحكومية والفصل من الجامعات والوظائف والاقصاء والتهميش للمناطق التي ترفض الانتماء للوهابية..

كما أن المراكز الصيفية أسهمت بشكل كبير جداً في الحفاظ على زكاء المجتمع وبالذات الشباب ونمت لديهم القيم الإسلامية والأخلاق الفاضلة وشكل ذلك بيئة مناسبة لقيام المشروع القرآني العظيم الذي بات اليوم بفضل الله وبفضل الدماء الزكية في طليعة المدافعين عن قضايا الأمة رغم المؤامرات الرهيبة والتحديات الكبيرة التي واجهها..

مخاطر الحرب الناعمة

ظهر مصطلح القوة الناعمة لأول مرة من قبل “جوزيف ناي” في كتاب بعنوان “متطلبات القيادة: التغيير في طبيعة القوة الامريكية في العام 1995”. يعتقد ناي، ان “العالم يتغير ويتبدل، والقوة الناعمة ستدخل في جميع المجالات والحقول القيادية والادارية والعسكرية والثقافية والاقتصادية. والدول الناجحة هي التي تتمتع بهذه القوة. يعرّف ناي القوة على “انها القدرة على تشكيل افكار مرجحة لدى الآخرين”. وفسر “القوة الصلبة” بأنها “قوة الاكراه”، والقوة الناعمة هي “قوة الجذب”.

ان القوة الناعمة هي عبارة عن قدرات وامكانات الدول في إظهار وتقديم نفسها إلى العالم. والقوة الناعمة هي وحدها القادرة بنحو اساسي على إظهار الصورة الايجابية لثقافة الدول وسياستها أمام العالم، وإحداث التأثير المباشر على معتقدات الشعوب. والبلد الذي يتمتع بنفوذ ومكانة في العالم هو الذي استطاع عبر تلك القوة الناعمة ان يكون رائداً في مجال الثقة. وهذا ما قامت به الجمهورية الاسلامية، اذ تمكنت عبر القوة الالهامية لثورتها وتصديرها لها خارج الحدود في إحداث تأثير كبير على أفكار وأذهان العالم…

ولم تعد القوات المسلحة الضخمة أحد متطلبات حروب الوكالة، بعد أن قوضت التطورات، على صعيد الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حتمية وضرورة الوجود على الأرض للقوى المذكورة كأحد متطلبات تلك الحروب، إذ يمكن لأجهزة الكومبيوتر أن تُحدث أضراراً في البنى التحتية للدول على نحو تعجز الجيوش العسكرية عن إحداثه.

ومع التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت وبات الجميع يمتلك هذه التقنيات باتت الدول الاستعمارية تعتمد على هذه النوع من الحروب لإخضاع الشعوب والدول التي تناهضها.

ولأن شعبنا اليمني أحد الشعوب التي ترى فيها أمريكا وكيانها الصهيوني خطراً على وجودهم في المنطقة نظراً لما يتمتع به الشعب اليمني من خصائص وسمات لم تعد تمتلكها الكثير من الشعوب منها ميولة الديني وتمسكه الكبير بالقيم الإسلامية والحفاظ عليها ولذلك تأتي الحروب الظالمة التي شنتها أمريكا بالوكالة منذ 2004م وصولا للعدوان الإجرامي الذي شنته مع وكلائها في المنطقة عام 2015م في سبيل ضرب هوية الشعب اليمني الإيماني ومحاولة تركيعه ولأنها لم تنجح هذه الحروب العسكرية بالشكل الطبيعي بل كانت نتائجها عكسية أسهمت في توسع وانتشار المشروع القرآني اتجهت هذه القوى للحرب الناعمة والافساد الأخلاقي وشد الأجيال إلى الشكليات والمظاهر التافهة وضرب زكاء نفوسهم من خلال الاستهداف الممنهج والمحتوى الهابط على شبكات التواصل ومحتوى الانترنت وترويج الاختلاط عبر المنظمات وكسر الحواجز الأخلاقية داخل الأسر وهو ما يجعل مخاطر الحرب الناعمة أشد وافتك من الحرب العسكرية..

الدورات الصيفية تربية وبناء وتحصين

في مرحلة خطيرة نستهدف فيها عسكريا وثقافيا وتضليليا وتتعرض هويتنا الإيمانية وقيمنا واخلاقنا وعاداتنا الحميدة إلى استهداف ممنهج ومركز باتت المراكز الصيفية ضرورة وتشكل فرصة لكل أسرة تريد تحصين أبنائها والحفاظ على زكاء أنفسهم وعلى حسن سلوكهم وغرس قيم الدين والاخلاق الفاضلة ووقايتهم وتحصينهم من مخاطر الحرب الناعمة التي تستهدف شعبنا وأمتنا..

لذلك علينا أن ندرك كما يقول السيد القائد أهمية الدورات الصيفية، التي تأتي في إطار التعليم الصحيح، وتقديم المعارف النافعة، التي تجسد مكارم الأخلاق، والتي تُقَدِّم بشكلٍ صحيح مفاهيم الإسلام.

في الدورات الصيفية، يحظى الجيل:
بترسيخ الهُوية الإيمانية، والانتماء الراسخ، الواعي، المسؤول، لشعبه وأمته.
ويحظى بالوعي، يكتسب الوعي:
ونحن في مرحلة، من أهم ما نحتاج إليه، وفي مقدمة ما نحتاج إليه جميعًا (كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً)، هو الوعي، نحن في مواجهة حرب رهيبة في هذا العصر، يقودها أعداء الإسلام، اليهود والنصارى، أمريكا وإسرائيل، وحلفاؤهم، هجمة رهيبة جدًا، على مستوى التزييف، والإضلال، والإفساد، والتحريف للمفاهيم، والتجهيل للناس بحقيقة الأمور، تقديم صورة مغلوطة عن كل الأشياء، نحتاج إلى الوعي؛ فالجيل يحظى في هذه الدورات بالوعي.

ويتربى على مكارم الأخلاق:
لأن منهجية الإسلام، تعتمد بشكلٍ متوازن على: التعليم بالعلم النافع، والتربية، والتزكية، التربية على مكارم الأخلاق، والتزكية للنفوس؛ لأنها عملية بناء للإنسان، وهداية للإنسان، وإصلاح للإنسان، وارتقاء بالإنسان؛ فالجيل يحظى في الدورات الصيفية بالتربية على مكارم الأخلاق، يحظى بالتربية الإيمانية.

ويكتسب أيضًا المهارات والقدرات، التي ترفع من مستوى معرفته:
وهذه مسألة مهمة جدًا، يعني: في الدورات الصيفية أنشطة، ترفع من مستوى القدرات الذهنية والمعرفية للطالب، وتسهِّل عليه اكتساب العلم والمعرفة بشكلٍ أفضل، وكذلك الأداء المرتبط بذلك، وهذه مسألة مهمة جدًا، يحتاج إليها الطالب بشكلٍ كبير.

ويتثقف بثقافة القرآن الكريم:
من أهم ما تقدمه الدورات الصيفية هو هذا: التثقيف للجيل الناشئ بثقافة القرآن الكريم، التي هي أسمى ثقافة، وأرقى ثقافة، تجعل عنده وعيًا عاليًا، ونظرة صحيحة، واهتمامات كبيرة، وتشده إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ويستشعر المسؤولية، ويتوجه في هذه الحياة بفاعلية كبيرة جدًا.

ويتعلم منها مبادئ الإسلام:
يتعلم منها مفاهيم الإسلام ومبادئ الإسلام، وكذلك النظرة الصحيحة إلى هذه الحياة، إلى واقع الحياة، إلى مسيرة الحياة، وكيف يجب أن يبني الإنسان المسلم مسيرة حياته.

هذا مما تقدمه الدورات الصيفية.

التعليم الصحيح، والتربية، والتزكية، يرتقي بالجيل في مختلف مجالات الحياة، ليكون دعامةً لنهضة شعبه، وجيلاً راقيًا، في معرفته، وأخلاقه واهتماماته، وضرورة في هذه الحياة، في مسيرة هذه الحياة، ضرورة حضارية، ضرورة في مسيرة الحياة، وأساس للاستخلاف للإنسان في الأرض، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بعدما استخلف آدم “عَلَيهِ السَّلَامُ” على الأرض، قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة: من الآية 31]، العلم والتعليم في المقدمة.

استهداف المراكز الصيفية دليل على فاعليتها وتأثيرها

يقول الشهيد القائد ((المنافقون المرجفون هم المرآة التي تعكس لك فاعلية عملك ضد اليهود والنصارى)) وبالتالي فإن الحملات الإعلامية والدعائية الكبيرة التي تستهدف المراكز الصيفية والانزعاج الكبير الذي تبديه ابواق العدو الأمريكي والصهيوني تجاه المراكز الصيفية والتحذير منها هو دليل واضح على فاعلية هذه المراكز في تحصين أجيالنا وغرس قيم الإباء والحرية والكرامة في نفوسهم..

لأن الحر الصهيوأمريكية قائمة على استهداف التربية الإيمانية الأصيلة لأمتنا الإسلامية وللشعب اليمني بشكل خاص، ومن التناقضات العجيبة التي تدل على خبثهم وحقدهم أنهم يصورون أنفسهم حريصون على الأطفال وعلى حريتهم وأن الدورات الصيفية تسلبهم هذه الحق متناسين أن طائراتهم كانت طوال ثمان سنوات تلقي على قرانا ومدننا وأسواقنا وحتى في أفراحنا واتراحنا أحدث القنابل والصواريخ الأمريكية التي تقتل نسائنا وأطفالنا بدم بارد ولم نسمع كل هذا الضجيج، فلماذا يستهدفون بحملاتهم الدعائية، عبر وسائلهم الإعلامية، وأنشطتهم السلبية في التثبيط، والتخذيل والتشويه، عبر أبواقهم من الطابور الخامس، والمنافقين والذين في قلوبهم مرض، ممن يتواجدون بين أوساط الشعب، لاستهداف المراكز الصيفية وتصويرها على أنها الخطر الحقيقي على أجيالنا..

إن الشعب اليمني اصبح بحمد الله يعي مخططاتكم ويدرك جيدا أن مصلحة أبنائه هو في دفعهم إلى المراكز الصيفية لتحصنهم من فسادكم ودجلكم وتضليلكم وكما فشلتم في كل عام ستفشلون هذا العام والمقبل وما بعده وستستمر هذه الدورات، وتتطورإلى الأفضل، ونجاحها نحو الأفضل بإذن الله ولا عزاء للمنافقين والدجالين وأسيادهم المستكبرين..

.