اليس من حقنا ان نسأل عن عدم تدخل طائرات “عاصفة الحزم” لنجدة الاقصى وهي التي تتدخل منذ ستة اشهر لتحرير صنعاء وتعز وعدن؟.. الم يحن الوقت لتحرك الرئيس السيسي ضد الارهابيين اليهود على الجانب الشرقي من سيناء؟ ولماذ لا يترجم العاهل الاردني تهديداته الى افعال

عبدالباري عطوان

لو كان الحوثيون “الرافضة” و”المجوس″ المدعومون من ايران هم الذين يقتحمون المسجد الاقصى ويعيثون فيه فسادا، ويعتدون على المصلين والحراس المدافعين عنه لربما شاهدنا الطائرات الحربية العربية من احدث ما انتجته المصانع الامريكية تتدفق، ومعها آلاف الجنود لنصرة القبلة الاسلامية الاولى، والدفاع عنها، ولكن الذي يقتحم الاقصى الآن هم اليهود المتطرفون “اهل الكتاب”، والاحتياط الاستراتيجي للعرب في حربهم المنتظرة ضد “المجوسي” الاكبر في طهران، ولهذا يقتصر رد الفعل العربي الرسمي على المناشدات الاستجدائية لمجلس الامن الدولي وقادة امريكا واوروبا للضغط على اسرائيل وتحذيرها من مغبة افعالها ومستوطنيها هذه، مثلما فعل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز اليوم الاحد، وعدة ملوك ورؤساء وامراء آخرين.

***

اقتحامات اليهود للمسجد الاقصى ليس امرا ملحا، والعمل على تقسيمه زمانيا ومكانيا، ليس بالقضية الخطيرة، والاعتداء على المصلين المرابطين دفاعا عنه مسألة روتينية لا تستحق العجلة، او هكذا يقول لنا السيد نبيل العربي امين عام جامعة الدول العربية، من خلال اعلانه بأن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون الاحد المقبل في نيويورك على هامش اجتماعات الجميعة العامة لبحث الانتهاكات الاسرائيلية المتزايدة.

لماذا يا سيد العربي الاجتماع يعقد في نيويورك وليس في القاهرة، او عمان، او الجزائر، او مقديشو؟ يرد علينا السيد “العربي” بالقول ان ذلك التأجيل يعود الى انشغال الوزراء بالسفر الى نيويورك؟ فهل سيسافر هؤلاء على ظهور البعران؟

ويرد السيد العربي قائلا لتعزيز مقولته هذه لاعفاء الوزراء العرب ودولهم من اي مسؤولية، بأن منظمة التعاون الاسلامي ستعقد اجتماعا لوزراء خارجيتها يوم 30 ايلول (سبتمبر) الحالي، وهذا الاجتماع الاخير افضل لان هذه المنظمة تضم 57 دولة.

المسألة بالنسبة الى السيد العربي تتعلق بالعدد وليس بالفعل، او هكذا يبدو لنا الامر، فاجتماع 57 وزير خارجية افضل من 22 وزيرا على حد قوله.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذر بدوره اليوم في مؤتمر صحافي من عواقب وخيمة لما سماه بالانتهاكات اليومية في المسجد الاقصى، وطالب اسرائيل باتخاذ خطوات جادة لنزع فتيل الازمة.

وماذا يا سيادة المشير لو ان اسرائيل لم تنزع فتيل الازمة وتواصلت الانتهاكات في الايام المقبلة؟ هل ستطلب من القوات المصرية المرابطة في سيناء بعشرات الآلاف والمدعومة بالدبابات الحديثة والطائرات من طراز “اف 16″ ان تعرج على ايلات القريبة مثلا او تطير فوقها تحذيرا؟ لنضع الرد العسكري جانبا حتى لا نتهم للمرة الالف بالتحريض، والمبالغة فيه، ونسأل سؤالا آخر اكثر حضارية وسلمية واعتدالا: هل ستقدم يا سيادة المشير على اغلاق السفارة الاسرائيلية التي اعيد افتتاحها قبل اسبوع فقط انتصارا للاقصى؟

لنترك الرئيس المشير السيسي جانبا، ونذهب الى الاردن حيث وقع خمسون نائبا اردنيا بيانا يطالب باغلاق السفارة الاسرائيلية، ومراجعة اتفاقات وادي عربة مع اسرائيل كرد على هذه الانتهاكات، ونسأل عما اذا كان العاهل الاردني سيستجيب لهذا البيان عمليا، ويغلق السفارة الاردنية، خاصة انه صاحب الوصاية الدينية على الاماكن المقدسة في القدس المحتلة، وتعرض حراسه الاردنيون الى الضرب والطرد من قبل القوات الاسرائيلية عندما تعرضوا للمقتحمين؟

لا نعتقد ان هذه “الجعجعة” العربية ستتمخض عن اي طحن، وستظل تدور في دائرة العبارات الانشائية نفسها على امل ان تهدأ الاوضاع، او ان يتفضل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بإخراجهم من هذا المأزق الحرج الذي جاء في الوقت غير المناسب، وفي ذروة انشغالهم بالقضية المصيرية الكبرى والاهم في اليمن، ويبادر بالايعاز لحلفائه اليهود المتطرفين بالراحة لبضعة ايام على الاقل اكراما لاصدقائه العرب الجدد والقدامى في آن، ثم العودة للاقتحامات الاستنزافية الممنهجة والمدروسة مرة اخرى، عندما يهدأ الغبار الرسمي العربي.

طبعا لا يمكن ان ننسى الرئيس “الفلسطيني” محمود عباس وقواته الامنية التي لا تستأسد الا على الفلسطينيين المتظاهرين تضامنا مع اشقائهم المرابطين دفاعا عن الاقصى المبارك، ولا تجرؤ على نزع شعرة واحدة من لحية مستوطن يعربد في باحة المسجد، ومن شاهد عددا من افرادها ينهالون صفعا وضربا وركلا على صبي نحيل جدا من مخيم الدهيشة (في بيت لحم) لفقد صوابه، وعرف لماذا يقدم اليهود المتطرفون على جرائمهم هذه بكل ثقة واطمئنان ودون خوف او هلع.

***

الرئيس عباس يسرب لصحف الارض المحتلة بأنه سيفجر “قنبلة” في خطابه الذي سيلقيه في الامم المتحدة كعادته دائما، وعندما بدأ الامريكيون يهددونه باعطاب السلاح الوحيد الذي “اذل” فيه الشعب الفلسطيني، واوصل قضيته الى الحضيض، وذيل الاهتمانات العربية والدولية، اي سلاح “المال”، يطلق تسريبات معاكسة تمهد لتراجعه عن “قنبلته الصوتية” تلك بأن ضغوطا امريكية وعربية قوية جدا تمارس عليه هذه الايام لعدم تفجيرها.

لم يطلب احد عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب، ولا منظمة التعاون الاسلامي التي نراهن ان 99 بالمئة من المسلمين في العالم لا يعرفون بوجودها، او مقرها، او امينها العام، ولذلك نقول لهؤلاء اذهبوا الى اليمن او سورية، او العراق، واتركوا الاقصى للمرابطين الذين يقاتلون ويضحون بدمائهم وارواحهم دفاعا عنه طلبا للشهادة التي يستحقونها، فانتم لستم اهلا له، وهو بريء منكم، ومن عجزكم المصطنع، وتواطئكم مع من يريدون تهويده في السر والعلن.