مظلومية وانتصار

خطاب المرحلة والقائد المسدد الصمود المثمر 2

|| مقالات || حميد رزق

ونحن نتوقف مع كلمة السيد عبدالملك في الذكرى الخامسة للعدوان تجدر الإشارة إلى أن عوامل الثقة المتبادلة بين الشعب والقائد تزداد وتتعاظم بعد كل كلمة أو مناسبة يطل فيها قائد الثورة لمخاطبة الجماهير ، مَرَدَّ ذلك وسببه أن مسار الأحداث يثبت صحة مواقف هذا الرجل ويكشف عن عميق بصيرته ونافذ حكمته ، فصار الواقع يشهد كل يوم على صدقه وشجاعته وصلابته وحرصه ومحبته لأبناء بلده .

الأمريكيون أكثر الأطراف المعتدية إدراكا لأهمية وحيوية عامل الثقة بين الشعب والقائد، فكان أحد أهم أهداف العدوان إسقاط مصداقية القيادة لدى الناس، واستخدم التحالف أساليب كثيرة وقذرة بغية إنجاز الهدف السابق ، فبالإضافة إلى حملات التشكيك والتشويه الواسعة ذات الطابع الإعلامي والثقافي التضليلي الذي استهدف عقول وعواطف الناس، فقد حملت الهجمة العسكرية الواسعة والمتوحشة رسالة لليمنيين مفادها: إن ثمن ارتباطكم وتحرككم خلف زعيم أنصار الله باهظ وعليكم الاختيار بين أمرين : إما فك الارتباط بالسيد «الحوثي» وأنصار الله والانضمام للتحالف، أو حرب الدمار والقتل والمجازر والحصار والتجويع .

مخطط الأعداء لضرب عامل الثقة بين القائد والناس كان دقيق ومركز ويحمل من الخبث والقذارة ما دلت عليه الجرائم والدمار الذي حل باليمن أرضاً وإنساناً، لكن المفاجأة التي لم تكن بحسابات الأمريكيين، أن السيد عبدالملك كان أكثر عمقاً وإدراكاً لأهداف العدو وأساليبه الاستراتيجية منها أو التكتيكية، فاعتمد بشكل مبكر، استراتيجية خاصة استوعبت مخاوف الناس وأجابت على أسئلتهم وأخرجتهم من واقع الصدمة والاستجابة السلبية للعدوان إلى ميدان التحرك والفعل الإيجابي.

في الأيام والأسابيع الأولى للعدوان بذل قائد الثورة جهوداً كبيرة لملامسة مخاوف الناس ودفعهم لتجاوز المرحلة الخطرة، فكان النجاح حليفه في إقناع الناس أن السبيل إلى درء الخطر وتجنب المزيد من الخسائر ليس في الانكفاء والتردد أو السماح للضعف والشعور بالعجز أن يسيطر على نفسياتنا ،الحل المضمون النتيجة، والأقل كلفة والأكثر جدوائية هو في التحرك الجاد والفعال لمواجهة العدوان في مختلف الجبهات لا سيما الجبهة العسكرية .

شجاعة القائد ومعنوياته وثقته ويقينه التي ظهر عليها أمام شعبه في أول كلمة عقب ساعات من بدء العدوان ، سمات كان لها دور كبير في إعادة الثقة للناس ورسم مسار التحرك السليم والصائب في اللحظة الحرجة والقلقة ، وفي كل خطاب، وعند كل إطلالة تستدعيها الأحداث والتطورات استمر القائد في تعزيز ثقة الناس بأنفسهم وانتشالهم من واقع الخوف والتردد ومشاعر السلبية والانهزام إلى آفاق القدرة على الفعل والصمود المثمر وصولا إلى امتلاك القدرة على الاقتصاص من العدو لاسيما النظام السعودي وتكبيده خسائر لم يكن يتوقعها .

في خطاب الخميس الماضي، وفي معرض حديثه عن تبدل المعادلات دعا السيد عبدالملك إلى إعادة تقييم وقراءة واقع دول تحالف العدوان وفي مقدمتهم النظام السعودي للخروج بنتيجة توضح الحالة التي كانوا عليها قبل العدوان والمآل الذي وصلوا إليه في كل المجالات عقب الورطة في اليمن ، ففي المجال الاقتصادي تعاني السعودية والإمارات من أزمة حقيقة وتشهدان تراجعاً اقتصادياً مستمراً ، وفي ميدان السياسة نظام آل سعود يعيش صراعاً اسرياً غير مسبوق في تاريخ آل سعود ، فيما تتصاعد النقمة والسخط لدى السكان في شبه الجزيرة.

عسكرياً فشلهم وإخفاقهم واضح واعتمادهم الأساسي على الحماية الأمريكية

وعلى الصعيد المعنوي وبسبب جرائمهم الوحشية ضد الشعب اليمني يحتل آل سعود الموقع الأول كأسوأ وأحط نموذج في الذهنية العامة للإنسانية لدرجة أنهم باتوا يتفوقون على العدو الإسرائيلي في البشاعة والإجرام .

وفي حال استمروا في المقامرة ومواصلة العدوان فلا يعني ذلك أن بإمكانهم تحقيق ما عجزوا عن الوصول إليه سابقا «استمراركم بعد خمس سنوات فعلتم فيها كل الذي تستطيعون لن يوصلكم إلى أهدافكم المشؤومة ،أنكم إنما تجنون المزيد من الفشل ومشكلتكم أنكم لا تعقلون ولا تفهمون « والكلام لقائد الثورة الذي أشار إلى عامل المناعة الإيمانية التي يعيشها أبناء اليمن، منعة إيمانية وأخلاقية ومبدئية وإنسانية يتمتع بها ملايين اليمنيين رجالاً ونساءً ، فصنعوا بهويتهم الحضارية هذا الصمود والثبات» .

والمسألة بالنسبة لليمنيين كما قال القائد : مصيرية لا مجال للتفريط فيها أو المساومة عليها مهما بلغت التضحيات، فشعبنا يعي أن كلفة التفريط والاستسلام كبيرة وخطيرة ولذلك “لن تصلوا إلى أهدافكم أبداً أبداً أبداً” كررها ثلاثاً وأعاد التذكير بأن اليمن لا يشكل خطراً على جيرانه ومحيطه ، ولا مبرر للبعض في الخوف أو القلق من الهتاف بشعار الموت لأمريكا وإسرائيل فالشعار موقف طبيعي وتعبير مبدئي تجاه قضايا الأمة الإسلامية ينطلق فيها اليمنيون من قناعات إيمانية ومبدئية ، وأعاد التذكير أن : ما يريده شعبنا هو الاستقلال والحرية، فلماذا تستكثرون عليه ذلك ؟؟!!!

ووجه السيد عبدالملك الخطاب مجدداً إلى النظام السعودي ومن يقف خلفه قائلاً: من يسعى لإذلال هذا الشعب وإخضاعه واستعباده فهو يسعى للخيال والوهم السراب ..

وحول ثمرة الصمود والثبات قال السيد عبدالملك: أهم درس أننا عشنا ثمرة التوكل على الله والاعتماد عليه وهذا درس مهم واستراتيجي وإيماني ، فقد كانت الروح المعنوية أهم عوامل الصمود المثمر الذي كانت له نتائج مشرفة بناءة فتجاوز الشعب مرحلة التماسك إلى موقع البناء وأبرز النماذج على ذلك بناء القدرات العسكرية ، وقد وصل إلى موقع متقدِّم في مواجهة التحديات والأخطار التي فرضها العدوان، وهذا لا يعني نهاية المطاف، ولا بد بحسب قائد الثورة من الاستمرار» في التوجه العملي باهتمامٍ أكبر، والسعي إلى إحراز النصر ، وإفشال العدوان بشكلٍ نهائي، ومن ثم تركيز العمل لبناء مؤسسات الدولة لتسهم في خدمة الشعب ، وشدد على ضرورة التعاون بين الجهات الرسمية والشعبية في كافة المجالات لا سيما الجانب الخدمي، والاهتمام بالجانب الاقتصادي والسعي الحثيت لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالارتقاء بالمنتج المحلي والوطني؛ ليحل محل ما نستورده من الخارج، وفي مقدِّمة ذلك المحاصيل الزراعية.

…. يتبع