مظلومية وانتصار

سلاح المقاطعة.. أثره وفاعليته

إن أمتنا اليوم كما يقول السيد حسين (رضوان الله عليه): (أصبحت في صراعها مع اليهود في صراع حضاري، صراع حضارات, لم يعد صراعاً عسكرياً صراع حضاري يحتاج إلى أن تنهض الأمة من جديد, وتبني نفسها من جديد، حتى تكون بمستوى المواجهة للغرب, والمواجهة لربيبة الغرب إسرائيل)).

ومن واقع هذا النص نعرف جيدا أن السيد حسين (رضوان الله عليه) كان يدرك الأهمية البالغة للمقاطعة الاقتصادية كموقف عملي فعّال ومؤثر فعندما أطلق مشروعه القرآني المتمثل بحركته الثقافية (من هدى القرآن الكريم) وما تزامن معها من مواقف عملية كشعار الصرخة كانت المقاطعة الاقتصادية موقفاً عملياً متزامناً مع شعار الصرخة وكان يعتبر المقاطعة الاقتصادية سلاحاً يمكن أن يضرب أمريكا ويوقف مؤامراتها يقول في محاضرة [الدرس الثاني والعشرون من دروس رمضان]: (أعتقد فعلا رفع الشعار، والمقاطعة الاقتصادية، تعتبر من الجهاد في سبيل الله، ولها أثرها المهم فعلاً، بل قد يكون هذا الجهاد اشد على الأمريكيين مما لو كنا عصابات نتلقى لهم ونقتلهم فعلاً).

ولأن الاتجاه الاستعماري اليوم مركّز بشكل أساسي على الجانب الاقتصادي من خلال فرض العقوبات الاقتصادية ومحاصرة الدول والشعوب اقتصاديا من خلال سن القوانين الظالمة بمنع التعامل الاقتصادي مع الدول التي تناهض السياسية الاستعمارية لأمريكا ودول الغرب ومن النماذج حصار كوبا الذي استمر أكثر من 50 عام وحصار إيران لأكثر من 40 عام وحصار العراق وما يجري من حصار اليوم على اليمن والهدف من ذلك كله تركيع الشعوب التي لا تقبل بالوصاية الصهيوأمريكية وبالتالي فإننا اليوم أولى من غيرنا في تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والصهيونية ويمكن أن نوجز أهمية سلاح المقاطعة في النقاط التالية:

أولاً.. المقاطعة الاقتصادية موقف ديني نحن ملزمون به..

يقول الله سبحانه وتعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة:104) {لا تَقُولُوا رَاعِنَا} هنا يأمر الله المسلمين بالتوقف عن قول (راعنا) بالرغم أنها مفردة عربية ومعناها معروف إلا أن اليهود كانوا يستخدمونها بمعنى سيئ ولهذا نجد كيف تربية القرآن أنه عندما تكون مفردة واحدة، وإن كانت مفردة عربية يستعملها العرب، متى ما استغلها اليهود، وأصبح لهم من ورائها غاية غير نزيهة، أتركوها، واستخدموا مفردة أخرى .

فإذا كان الله أمر المؤمنين إلزاما بمقاطعة كلمة آنذاك كان يستفيد منها اليهود فما بالكم بالمليارات التي يستفيد منها اليهود الصهاينة والتي يستفيد منها الأمريكيون ونحن من ندفعها من جيوبنا.

ثانياً: المقاطعة الاقتصادية تحول دون وصول كثير من الأمراض إلى أجسادنا0

(إن مفتاح أن يضرك العدو ، أن يهينك العدو ، أن يهزمك العدو هو من عندك أنت )) وإن ((إقفال المجالات التي فيها ثغرات للأعداء تأتي من عند المؤمنين)).

وهذه الآية :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} هي كما قال السيد حسين (رضوان الله عليه): ((تعتبر شهادة فيما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية ألم يحصل هنا مقاطعة للكلمة؟ قاطع المسلمون في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كلمة ؛ لأن استخدامها يمثل ماذا؟ دعماً لليهود ، إذاً فأنت قاطع بضائعهم؛ لأن بضائعهم تشكل دعماً مادياً كبيراً لهم وتفتح عليك مجالاً لأن تتقبل كل ما يريدون أن يوصلوه إلى بدنك إلى جسمك من سموم أو من أشياء لتعقيمك حتى لا تعد تنجب أو تورث عندك أمراضاً مستعصية أشياء كثيرة جداً مع تقدمهم العلمي يعتبرون خطيرين جداً ، سيطرتهم على الشركات التي تعتبر متطورة في صناعات أشياء خطيرة من المواد السامة عناصر كثيرة تستخدم قد أصبحوا يستخدمون عناصر تؤثر نفسياً تقتل عنك الإهتمام تصبح إنساناً بارداً لا تهتم ولا تبالي)).

ويقول (رضوان الله عليه) في محاضرة [ في ظلال دعاء مكارم الأخلاق] : ((الدواء كذلك معظم الأدوية من شركات أجنبية، واليهود معلوم بأنهم هم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة المسيطرة على قطاعات واسعة من الاقتصاد في أمريكا وفي دول الغرب في أوربا وغيرها. يحملون عداوةً شديدةً لكم فهم لا يودون لكم أي خير، وهم دائماً دائماً مستشعرون لهذه العداوة لأنه أناس لا تعرفهم ولا بينك وبينهم، أنت لا تودهم, ولا تبغضهم, لا تعاديهم, ولا تواليهم)).

ثالثا: المقاطعة الاقتصادية ترجمة فعلية لعدائنا لأمريكا وإسرائيل

عندما قال سبحانه وتعالى عن اليهود: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}(المائدة: من الآية82) يريد منا أن نربي أنفسنا, وأن نربي أولادنا على أن يحملوا عداوة لأعداء الله لليهود والنصارى, وأن نرسخ الشعور بالعداء لهم؛ لأن ذلك هو الذي سيحملنا على إعداد القوة، وعندما تتجه الأمة لإعداد القوة ستعد نفسها للمواجهة في مختلف المجالات، في المجالات الاقتصادية, وفي مجال التجارة, في مجال التصنيع في مجال الزراعة, في مختلف المجالات.

رابعاً: المقاطعة الاقتصادية فرصة لتنمية الانتاج المحلي

إن المنطقة العربية اليوم تشكل أكبر سوق استهلاكية للشركات الأمريكية والصهيونية وبالتالي فإن مقاطعة البضائع الأمريكية لها فوائد مهمة كما يقول السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله): ((هناك فوائد كثيرة جدا لو تفعلت المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية في أوساط امتنا سيتاح هذا فرصة لتنمية الإنتاج المحلي وهناك للعلم بشكل عاجل هناك بدائل هذا معلوما قطعا هناك بدائل للبضائع الأمريكية والإسرائيلية وأي شيء تريده هناك ما هو بديل عنه من مختلف الاحتياجات)).

خامسا: بشرائك للبضائع الأمريكية تكون شريكا لهم في جرائمهم

لا حجة للإنسان ولا مبرر أمام الله سبحانه وتعالى أن يشتري البضائع الأمريكية والصهيونية والمشكلة خطيرة جدا لأنك ستكتب عند الله داعما لإسرائيل وداعما لأمريكا وهم سيستفيدون بمالك وأنت باستطاعتك أن لا يستفيدوا، باستطاعتك أن تحترز، أن لا يصل هذا الدعم إليهم، باستطاعتك أن تعتمد في مشترياتك، واحتياجاتك ومتطلبات حياتك، على بدائل موجودة حتى لا تذهب أموالك إليهم عندما تصبح شريكا لإسرائيل وشريكا لأمريكا في جرائمها وظلمها أي مشكلة أكبر من هذه وأي خطر أكبر من هذا على دينك ودنياك وآخرتك.

سادسا: المقاطعة الاقتصادية غزو للعدو إلى عقر داره

يقول السيد حسين بدر الدين الحوثي في محاضرة [الشعار سلاح وموقف]: ((المقاطعة الاقتصادية, المقاطعة للبضائع مهمة جداً ومؤثرة جداً على العدو، هي غزو للعدو إلى داخل بلاده, وهم أحسوا أن القضية عندهم يعني مؤثرة جداً عليهم, لكن ما قد جرأت الحكومات العربية إلى الآن أنها تعلن المقاطعة، تتخذ قراراً بالمقاطعة, لأن الأمريكيين يعتبروها حرباً، يعتبروا إعلان المقاطعة لبضائعهم يعتبرونها حرباً؛ لشدة تأثيرها عليهم)).

سابعاً: المقاطعة الاقتصادية توفر حالة من المنعة الداخلية

يقول السيد عبد الملك (حفظه الله): ((الشعار والمقاطعة من مكاسبها الأولية ، توفر حالة من المنعة الداخلية، حالة من السخط والعداء للأعداء تحمي الداخل الشعبي لشعبنا ولأمتنا، تحميه من العمالة، عندما يكون هناك بيئة هكذا بيئة معادية للأعداء لها موقف معروف منهم، تصبح مسألة العمالة والخيانة مسألة خطيرة ويحسب العملاء والخونة ألف ألف حساب قبل أن يتورطوا في ذلك، لكن إذا كان هناك واقع مهيأ ليس هناك أي نشاط عدائي ولا أي موقف يكون حينئذ مشجعاً للكثير من ضعيفي الإيمان، من الذين ليس لديهم ضمير ولا إنسانية ولا مبدأ ولا وطنية ولا أي شيء آخر، كل عوامل المنعة مفقودة لديهم يمكن أن يستغلوا الفرصة عندما يجدون بيئة مهيأة وقابلة، فيدخلوا في العمالة ولا يتحاشون من أي شيء))

وهنا يتبين لنا أثر المقاطعة الاقتصادية وجداوها وأنها تشكل فعلاً سلاح هاماً في وجه الغطرسة الغربية.. فلنكن أول المبادرين إلى تبني هذا السلاح ومقاطعة البضائع الصهيونية والأمريكية خصوصاً وأن هناك بدائل لها ومنافسة لها في جودتها.