مظلومية وانتصار

التاريخ السري .. للجدار العتيق..للشاعر الكبير عبدالله البردّوني.

البردوني

للشاعر الكبير عبدالله البردوني

يريد أن ينهار هذا الجدار كي ينتهي ، من خيفة الانهيار
يريد لكن ، ينثني فجأة عن رأية ، يحسو حليب الغبار
يهمّ أن يرثي ، جدارا هوى يراه فورا ، صار ألفين دار

***

عجيبة يا ريح … ماذا جرى ؟ تشابه الميلاد ، والانتحار
أختار هذا ما ترى … من رأى قلبي ركاما ؟ أحسن الاختيار
الانفجار المبتدي ـ عادة ـ يعطي رمادا ، قد تسميه نار
ألم تجرب ؟ كلّهم جرّبوا منهى التردي ، أوّل الانفجار

***

يرتدّ مدهوشا ، إلى جلده كهارب يخشى ، سقوط الإزار
كحقل دود ، وسط رمّانة كثوب لصّ ، خارج من حصار
يبدو كإنسان ، لأشواقه روائح الملهى ، وشكل القطار
عليه جلد ورقيّ له عشرون قرنا ، تقبل الاعتصار
كمدّع ، ـ موطنه عنده على قميص العيد ـ، أحلى زرار

***

أنا هنا ، أعلى الربى قامة يداي لا تلقى اليمين اليسار
بل ليس لي كفّ لسيف ، أما سنان (عمرو) ذاك أمضى الشّفار
في لحية (المريخ) ، لي مكتب نهد (الثريا) فوق بابي شعار
لكنني كالسهل ، لا سور لي مفتّح لفتح ، والإنجرار
تصوّروا ، يوم اعتدا جيرتي أنعلت وجهي ، خيل حسن الجوار
أهوى التساوي ، قاطعا كلّ من يبدو طويلا ، كي يساوي القصار
يوم اشتكت قمع الحمار ابني أنصفت ، البست البنين الحمار
وها هنا ينهي ، لكي يبتدي قصّ عن أصدائه ، باختصار

***

يقعي كجديين ، عادا بلا نصر يبولان ، دم الانتصار
يشتاق لو يعدو ، كسيارة لو يحمل البحر ، كإحدى الجرار
لو وجهه نعلا حصانين ، لو ساقاه (مبغا) في قميص النهار
لو تصبح الأبحار بيدا ، ولو عواصم الأصقاع ، تمسي بحار
يطير لكن ، يرتئي نعله ترقيع رجليه ، بماء الوقار
لا شيء غير النعل ، جذر له يلهي بهذا القشّ ، ريح القرار

***

هل متّ ؟ يبدو متّ ، لا إنها دعاية ، زيف ، دخان مثار
(مسرور) تدري كيف اسكانهم لا تبق حيا ، صدقت (جلّنار)
تسدّ باب الريح ، كي لا ترى إني دخان ، من رؤى (شهريار)
الشعب ، داء الشعب تقتليه أشفى ، ليبقى الأمن ، والازدهار

***

يهون حقد (الشمر) يا (كربلا) لو لم يكن في كفّه (ذو القفار)
ماذا ؟ أتدعو حكمتي فرصة للغزو ؟ قل : صححت بدء المسار
كيف ألاقي جبهة خاجي وفي قذالي ، جبهة من شرار
لا لم أمت جدا ، أما رايتي خفّاقة ، فوق ظهور الفرار !
حوافر المحتلّ ، في شاربي لكنني أشبعت ، منه الدمار
لأنني جزّأته … نصفه سيفي ، ونصف داخلي مستشار
وها هنا ينهي ، يرى وجهه من منكبيه ، في مرايا الفخار
غنّي (أليزا) (جوليان) اخلعي عباءتي ، ساقي أدرها ، أدار

***

يودّ لو ما بين فخذيه إحدى يديه ، خاتما أو سوار
جريدة ، أخبارها عن حصى ينمو ، وعن (ديك) تعشّى (حمار)
رواية ، أبطالها عوسج يمشي ، وأطيار تبيع المحار
رأسي سوى رأسي الذي كان لي يا سادتي بيني ، وبيني قفار

***

بيني وبيني ، من يسمّى أنا فوق الأنا الثاني ، أنا المستعار
وها هنا يصغي … أقلت الذي أعني ؟ وهل أعني ؟ هنا الابتكار

***

يودّ لو كفّاه ، أشهى صدى لمعزف ، لو مقلتاه (هزار)
لو قلبه منديل ، _عرّافة) لو أنفه ، مروحة الانتظار
يريد ما ليس يعي ، يبتدي يعي وقد فات ، أوان البذار
الموسم الوهميّ ، لأغني المنى يعطي ـ قبيل الحرث ـ وهم الثمار
ماذا أنا ؟ شيء مسيخ بلا عرق ، بلا شيء ، يسمّى إطار
قد كان ينمو الطفل ، واليوم لا ينمو صغير ، كي يطول الكبار

***

يعود ينهي الكأس ، من بدئها فيبتدي قبل الشراب الحمار

***

هل كنت أحكي ؟ مطلقا … من حكى في داخلي كان ينام الحوار

***

يريد أن ينهار ، خضر الضّحى والليل كي ينهار ، هذا الجدار