تكثيف القصف الجوي وتأثيره على أنشطة الأعمال

ادى القصف الجوي العنيف على العاصمة صنعاء إلى زيادة مخاوف مجتمع الأعمال بأكبر مدينة يمنية وبدا النشاط الاقتصادي بها بطيئاً منذ مطلع الأسبوع وسط سخط وتذمر من قبل جميع السكان.
وتوقعت الغرفة التجارية الصناعية أن تكون منشآت جميع أعضائها من منتسبي القطاع الخاص في توقف, خصوصا وأن القصف الجوي طال المنشآت الخدمية والإنتاجية في أماكن متفرقة من العاصمة صنعاء بشكل مباشر فيما توقفت المنشآت الصناعية والإنتاجية الخاصة بالأغذية والمنظفات والبلاستيك عن الإنتاج خوفا على عمالها وخشية من تعرضها للقصف دون مبرر.

أبلغ عبدالله حاتم مدير الموارد البشرية بيمنات مول في شارع حدة جميع موظفي المول البالغ عددهم 52 شخصا بالبقاء في منازلهم ليلة السبت وفي الصباح ليوم الأحد كانت المنطقة خرابا في شارع حدة إثر قصف جوي غير مسبوق قضى على نشاط المطاعم والمحلات التجارية ومقرات الشركات والمباني السكنية ولم تتضح حتى اللحظة حجم الخسائر لكنها كبيرة جد, تقدر العمالة في ذلك الشارع بحوالي 4000 عامل فقدوا وظائفهم بسبب القصف الجوي وهناك شركات ومنشآت فقدت نشاطها وربما أنها لن تستطيع العودة للعمل قبل أشهر.
القصف
يؤكد الخبير الاقتصادي أوس النقيب أن العاصمة صنعاء كانت قد بدأت في العودة بشكل بسيط لطبيعتها الاقتصادية ونشاطها في الإنتاج والخدمات التجارية بعد رمضان لكنها اليوم عادت نحو الصفر من جديد مع عودة القصف ليل نهار واستهداف منشآت تابعة للقطاع الخاص كما حصل في شارع حدة وشارع تعز وغيرها, إذ إن العمالة هي المتضررة الأولى فلا يعقل أن تواصل أعمالها والقصف ليل نهار على العاصمة صنعاء.
النقل
قطاع النقل يعتبر من الخاسرين الأوائل فالأسطول المخصص لنقل الركاب من الباصات والتاكسي أصبح شبه مشلول وتؤكد نقابة السائقين أن القطاع فقد 70% من نشاطه بالعاصمة صنعاء خلال ثلاثة أيام من عودة القصف والعدوان لأن الناس تشعر بعدم الأمن والطائرات تقصف وتهز صنعاء بشكل هستيري، فيما توقفت الباصات وسيارات التاكسي بعد أن ارتفعت أسعار الغاز إلى5000 ريال من جهة أخرى.
النشاط
يعمل في العاصمة صنعاء حوالي 700 ألف عامل في أنشطة القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ويؤكد الخبير الاقتصادي منصور البشيري أن أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعمران كساهم بحوالي 25% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لليمن بالأسعار الجارية للعام 2014، ويتوقع أن تزداد مساهمة هذا الإقليم في تركيب الناتج المحلي خلال السنوات القادمة (ما لم تحدث ظروف غير متوقعة في أي إقليم) لتصل إلى حوالي 32% في العام 2030 م.
ويضيف البشيري أن أمانة العاصمة لوحدها تعتبر قاطرة للأعمال التجارية والصناعية والخدمية كما أنها تتميز بالمنشآت الصغيرة والأصغر التي توظف عمالة من أصحاب المشاريع وبالتالي أي اختلالات تعيقها تؤدي لتوقف نشاطها ومن ثم الانعكاس على العمالة ومستوى معيشتهم وحياتهم الاقتصادية.
الاستثمار
توقفت أنشطة الاستثمار في العاصمة صنعاء منذ بدأ العدوان جرائم القصف والاعتداء منذ ستة أشهر وبالتالي فإن صنعاء فقدت أهم روافد نشاطها الاقتصادي المتجدد, وحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار للعام 2013 كانت المشاريع الاستثمارية المسجلة جلها في العاصمة صنعاء وحواليها بنسبة 9% من التي تم تسجيلها في الجمهورية بعدد 13 مشروعا من 154 مشروعا.
الأنشطة
تضم العاصمة صنعاء أنشطة تجارية وصناعية وإنتاجية وخدمية بالغة الأهمية ويعتبر المساس بها مساسا بمستوى معيشة 3 ملايين إنسان وللدلالة على مكانة العاصمة صنعاء فإن النظرة للقطاع غير المنظم تكشف ذلك, فهناك مئات الآلاف من العاملين في عدة نشاطات تراهم في جميع انحاء العاصمة بمحلاتهم ودكاكينهم وحتى الباعة المتجولون في الشوارع, ويدلل خبير اقتصادي على صورة صنعاء الاقتصادية بالقول إنه بالرغم من عدم وجود بيانات ومؤشرات تعبر بصورة واضحة عن الواقع الاستثماري في المنشآت الصغيرة والمتوسطة ، إلا أننا يمكننا استخدام مؤشرات وسيطة مثل عدد القروض الممنوحة للمنشآت الصغيرة والأصغر التي تقدمها العديد من الجهات وعلى رأسها صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة والصندوق الاجتماعي للتنمية وبنك الأمل وغيرها من المؤسسات، ومع ذلك تظل هذه المؤشرات تقريبية نظراً للتداخل بقوة بين أمانة العاصمة والمحافظات المجاورة وبالذات صنعاء وعمران إذ تشير بيانات صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة إلى استحواذ أمانة العاصمة خلال الربع الأول من عام 2014 على حوالي 701 قرض وبنسبة 38% من إجمالي القروض التي قدمها الصندوق خلال الربع الأول من العام 2014، وهذا يعكس وغيره من المؤشرات المشابهة مستويات الاستثمار الصغير والأصغر في اليمن.
القطاع السياحي
أصبح القطاع السياحي متوقفا تماما في العاصمة صنعاء نظرا لهذه الاعتداءات والقصف وهذا أثر على معيشة مئات الآلاف من العاملين في هذا القطاع ويمكن القول إن الفنادق التي كانت تستقبل الزوار من المحافظات فقدت نصف عملها لأن المخاوف أصبحت كبيرة وتقدر دراسة خسائر القطاع السياحي بحوالي ملياري ريال خلال الشهرين الماضيين.
الموارد
تتمتع صنعاء العاصمة بموارد بشرية كبيرة مقارنة ببقية محافظات الجمهورية ، حيث يستحوذ على 10% من قوة العمل في اليمن في العام 2014 وبعدد يصل إلى 1.1 مليون فرد, ويتوقع أن يزيد هذا العدد ليصل إلى 1.7 مليون فرد في عام 2030، وهذا يعني توفر الأيدي العاملة منخفضة الأجر والمحفزة على زيادة الاستثمارات وزيادة فرص ومجالات الإنتاج وبصورة تعزز من فرص النمو الاقتصادي فيها بقوة أن توفر لها الاستقرار والأمن والاستثمارات.
النشاط التجاري في خطر
يقلق القصف الجوي التجار المتخصصين في النشاط التجاري وخصوصا الغذائي, فالقصف الجوي بات يهدد حركة تدفق السلع الغذائية للأسواق وهناك مخاوف من حصول مجاعة إن تفاقمت الأمور وقطعت الطرقات وشلت حركة نقل البضائع ،ويوجه الخبير الاقتصادي إياد الحمادي العديد من النداءات للعالم للوقوف على المأساة التي تعاني منها صنعاء جراء استهدافها بشكل غير مبرر ويقول يسكن بها 3ملايين إنسان يصابون بالخوف والقلق والفزع ولم يعودا قادرين على الوصول لأعمالهم ونشاطهم جراء القصف والخوف وبالتالي يجب أن يتحمل العالم مسئولياته  تجاه هذه الهمجية والعدوان ويوقف استهداف المدن ونشاطها الاقتصادي والخدمي.
ويعبر الحمادي عن مخاوفه من حدوث مجاعات بين السكان فالوضع الاقتصادي بات مزريا ولم يتمكن السكان من تحصيل موارد مالية, وبالتالي هم معرضون للجوع لأن رواتبهم مقطوعة خصوصا في القطاع الخاص ولم يعد لهم مصدر يدر عليهم المال.
دعوة للانتباه
يقول الخبراء إن الوضع المعيشي والاقتصادي لهم لا يهم السياسيين ولا يأبهون بهم وإلا كيف يفجرون الأوضاع الحربية في اليمن وهم لا يدركون المشاكل الاقتصادية المحدقة بالشعب, فهذا الدكتور شاكر علي الشايف الأستاذ الأكاديمي بالمعهد الوطني للعلوم الإدارية يرى أننا كيمنيين نجد اليوم شللاً تاماً بالنسبة للوضع الاقتصادي الموجود في البلد نتيجة للأوضاع السياسية الموجودة والحروب والعدوان وهذا الوضع غير مؤثر على السياسيين فهم ماضون في غيهم, وبالتالي لا يقاس لديهم الوضع السياسي بالوضع الاقتصادي لأنهم يعزلونه فيما علميا لا يمكن أن نقيم الوضع الاقتصادي دون أن نقيم الوضع السياسي الموجود في البلد ، ويكفي اليمن تدهورا أن الاستثمارات الداخلية والخارجية معدومة نتيجة لعدم وجود موارد مالية وسيولة نقدية في البلد بأكملها ، كذلك بالنسبة للاستثمارات الخارجية سواء كانت لرؤوس الأموال الوطنية أو الخارجية تكاد تكون شبه معدومة نتيجة لعدم الاستقرار الأمني الذي يتبع الاستقرار السياسي.
أثر
يجمع الخبراء الاقتصاديون أن الأثر سيكون بالنسبة للمواطن أثراً مباشراً لأن الوضع الاقتصادي لا يحتمل المفارقات فالسعر اليوم الموجود في السوق قد يناسب المواطن بشكل رئيسي لكن في المستقبل لو تفاقمت الأمور يمكن يكون أسوأ من الموجود اليوم.. لأنه لا يمكن أن نتعافى من الوضع الاقتصادي الحاصل اليوم خلال الأربع السنوات الماضية خلال سنوات معدودة قادمة.
العابثون
يحمل الشعب اليمني القوى السياسية المسئولية الكاملة سواء كان في الأوضاع التي تمر بها اليمن من الناحية السياسية ومن الناحية الاقتصادية، لأنها اليوم من أوصلنا لهذا المستوى فعبر عنادها وإصرارها على كسر عظم بعضها البعض تمت الحرب والعدوان والقصف والاقتتال الداخلي ومازالوا في سباق للتدمير لا أحد يردعهم وهنا الكارثة التي يؤكد الشعب أنهم يستحقون كل اللعنات كما يقول عباس الوجيه الخبير الاقتصادي بمجموعة الفرسان لتجارة الأدوية ،مشيرا إلى  أن القوى السياسية لم تظهر بمواقف وطنية أبدا فعندما يرى العالم القوى السياسية متذبذبة المواقف تشعر بأنه هناك عدم وجود استقرار، وعدم وجود استقرار يؤثر على الاقتصاد بشكل رئيسي، من حيث إنه لا يمكن جذب الاستثمار والمستثمرين، أو حتى المساعدات الدولية التي تقدم لا يمكن أن تقدمها الدول المانحة في ظل عدم وجود وفاق وطني قائم على أساس المسئولية الوطنية.. لذلك اليوم القوى السياسية تعتبر هي المحرك الرئيسي للشارع والاقتصاد في الوطن.

#فج_عطان: