مظلومية وانتصار

أجراس بدء الدراسة تجبرهم على الرحيل.. النازحون في المدارس..رحلة عناء جديدة

11مدرسة بأمانة العاصمة تؤوي 438 أسرة و1600 فرد
تحقيق / رجاء عاطف
غداً يبدأ الفصل الدراسي الأول من العام الجديد 2016-2015م ونحن ندخل الشهر الثامن من العدوان الذي خلف الكثير من الأضرار وشرد مئات الأسر التي نزحت إلى 11مدرسة من مدارس أمانة العاصمة..والسؤال ..أين ستذهب هذه الأسر النازحة. .وماهي الأماكن البديلة؟
الحقيقة أننا أمام أسر نازحة تعاني الأمرين بسبب تهدم منازلها وانعدام توفير الغذاء.. إلى جانب معاناة إضافية يحملها فصل الشتاء أجواؤه التي تحتاج إلى احتياطات أكبر ووقائية ..
والأمرّ بين كل ذلك هو أن معاناة النازحين لم تجد لها صدى لدى المنظمات والجهات المعنية والخيريةمما قد يجعل الوضع القادم أصعب ..
وحين نناقش هذه القضية يعني اننا نتحدث عن 438أسرة و1600 فرد في امانة العاصمة يحلمون بالعودة إلى منازلهم أو أماكن سكنية بديلة تؤويهم..وهذا مانركز عليه في هذا التحقيق ونبحث عن معالجاته..أو على الأقل نقرع جرس إنذار هذه المعاناة.
يخيل للمارة أمام بعض المدارس أوزائريها حين يلاحظون وجود أطفال يلعبون أمامها أنهم طلاب يقضون وقت الاستراحة في تلك الباحة إلا أنهم هذه المرة ليسوا طلابا يرتدون الزي إنما أطفال من أسر المتضررين الذين خرجوا قسراً من منازلهم يعانون الظروف الصعبة ويصارعون قسوة الحياة والبرد معاً ، فحالهم يحكي قصصاً مؤلمة ترويها فصول دراسية تكوم فيهاالبشر وانزاحت الطاولات والكراسي الى زوايا تلك الفصول..
فيما يفترش الناس سجادات بعضها شبه مهترئ وأغلب بلاط الأرضيات ظاهر للعيان ..فهم يعيشون الوضع الذي لا يحسد عليه..ممر وباب واحد وحمامات تنتظر كل أسرة دورها للدخول وجلب الماء ..!
عائلة همدان العريجي- نزحت من حرض في يونيو الماضي إلى أحد المدارس بأمانة العاصمة حيث تهدم منزلهم نهائياً بسبب صواريخ العدوان وقد نزحوا بالثياب التي عليهم فقط ..والآن لا يملكون شيئا حتى العمل ..كل ما يملكونه يفترشونه تحتهم بطانيات حصلوا عليها من احد الأقارب .
أسرة ( أ.المطري) –هي الأخرى نازحة من منطقة نقم ..قوامها أم تعول ثلاثة أبناء وأربع بنات بعد أن توفي زوجها وقد تضرر منزلهم وكاد يقع على رؤوسهم تقول بحسرة : العيش في المدرسة صعب للغاية فنحن نعاني من انعدام الكثير من الأشياء الضرورية ونعاني من شدة البرد بسبب عدم وجود بطانيات أو فرش كاف يقينا برد الشتاء القارس .
وأضافت: مع ذلك نحلم بحياة أفضل هنا أو في أي مكان آخر مخصص للسكن وأن يتوفر لنا البطانيات والمواد الضرورية لنعيش أنا وأطفالي وغيرنا من الأسرة النازحة.
حياة تنقل
لم يكن حال زوجة علي جبرهي وأسرتها المكونة من سبعة أفراد أفضل ممن سبقوها في الحديث عن معاناتهم والتي قالت:وضعنا هنا متعب جداً بين البرد والجوع والمرض نحن خرجنا نازحين من نقم بأغراض ضرورية نفترشها ونتدفأ بها إلا أننا نزحنا من مكان إلى آخر كان أولها مركز تحفيظ بمنطقة مسيك ومن ثم إلى منطقة الجريزع وهناك استولى المشرف على هذه الأغراض مدعيا أنه ممنوع أن نأخذها معنا رغم أنها ملك لنا وهكذا تعامل مع بقية النازحين .
واشتكت من أمراض مزمنة تعاني منها في الكلى بسبب البرد وأكدت أنه لا وجود للأدوية في أماكن النزوح.
وتوافقها الرأي ( أ.م) ، في الشعور ذاته فتقول : الأطفال هنا معرضون للمرض من وقت لآخر بسبب البرد حيث أصبحنا في عوز شديد وقد فقدنا كل شيء ..
متسائلة:إلى متى سنظل نتنقل من مكان إلى آخر ونعيش حياة أشبه بحياة البدو الرُحل ..وتابعت :للأسف لا أحد يلتفت إلينا حتى من الجهات المعنية .
غياب الدعم
سميرة أحمد سريب- رئيسة مركز عمر ابن العاص للنازحين أشارت إلى أن حال النازحين من سيئ إلى أسوأ حيث لا يجدون الاحتياجات الضرورية من الغذاء والماء أو الثياب والبطانيات حتى الدواء.
وقالت :وجدنا في البداية دعما من وزارة التربية والتعليم والآن أنقطع عنا الدعم الضروري من قبل عيد الفطر.
وتصف معاناتهم في البرد بالمضاعفة ..وأضافت : هناك عشر حالات من الأسر متواجدين في المدرسة التي أشرف عليها يتمنون من يتفقد أحوالهم كونهم بلا عمل يعيلهم ويعيشون عليه ، فلا أحد يلتفت لمعاناتهم .
وتابعت: ننتظر خطوات إيجابية وتحقق الوعود التي نسمعها من البعض ولازال الأمل يحدونا لتحقق ذلك .
وناشدت المعنيين الاهتمام بالنازحين في أي مكان وبالتراحم بعيدا عن الحزبية.
أماكن بديلة عن المدارس
من جانبها أوضحت فهمية عبدالله الإرياني- مدير إدارة المشاركة المجتمعية بمكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة أن عدد النازحين المتضررة منازلهم أو المهدمة كلياً بلغ 438 أسرة و1600 فرد وتم إيواؤهم في إحدى عشرة مدرسة من المدارس التابعة لأمانة العاصمة ، إلى جانب وجودنازحين في البيوت يصل عددهم إلى 600 أسرة ويجب تسليط الضوء عليهم واحتواؤهم .
وقالت : نظراً لبدء العام الدراسي الجديد في شهر نوفمبر المقبل سيتطلب منا الأمر إيجاد أماكن بديلة لإيواء النازحين فيها بدلاًعن المدارس كالمقار الحكومية الشاغرة.
وأكدت الإرياني أن أمانة العاصمة وجهت مذكرات رسمية للجهات التي تتبعها المراكز البديلة بتسليم تلك المقار للوحدة التنفيذية للنازحين والمفوضية السامية للاجئين ليتم إجراء التدخلات والإصلاحات التي تحتاجها هذه المقار أو المراكز قبل نقل النازحين إليهاوذلك بالتنسيق مع أمانة العاصمة والوحدة التنفيذية للنازحين والمفوضية السامية للاجئين كي تكون تلك المقار البديلة مهيأة أمام النازحين .
تكاتف الجميع
ولفتت الإرياني إلى أن أمانة العاصمة تفاعلت مع اللجنة المكونة من التربية والتعليم ولجنة الشؤون الاجتماعية بأمانة العاصمة لمتابعة موضوع النازحين ووفرت عدداً من المراكز البديلة والتي تعتبر جداً مناسبة لإيواء النازحين حيث أن معظمها كانت سكنا ووجهت المذكرات إلى الجهات المسؤولة عن كل المراكزبتسليمها كما أنها ستساعد في نقل النازحين من المدارس إلى المراكز البديلة إلى جانب الاسهام في العديد من الإجراءات المتعلقة بهؤلاء النازحين .
وعن الدعم الذي تم تقديمه للنازحين بينت مدير إدارة المشاركة المجتمعية بمكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة أنه خلال الفترة السابقة حتى الآن تم تقديم دعم غذائي من قبل التربية والتعليم شارك فيه كل موظفي التربية في أمانة العاصمة، حيث لا يوجد أي دعم أو تفاعل من أي منظمة أو جهة أخرى في هذا الجانب .
وأكدت أن أكبر مشكلة يواجهونها هي عدم استمرار توفير الغذاء الذي أوشك على الانتهاء ولم يعد لدى التربية الإمكانية لدعم البرنامج مستقبلا.
ودعت إلى ضرورة تكاتف الجميع مؤسسات حكومية ومنظمات دولية ومنظمات مجتمع مدني ورجال أعمال في تقديم الدعم والغذاء للنازحين وأيضاً يجب تفعيل دور الإعلام في تسليط الضوء على وضع النازحين الذين خرجوا قسرا من بيوتهم واحتوائهم لضمان حياة بلا جوع لهم.

#فج_عطان: