حذّرت الإغاثة الطبية في غزة من تسارع التدهور الإنساني مع استمرار المنخفض الجوي العنيف الذي يضرب القطاع منذ أيام، مؤكدة أن كبار السن والأطفال هم الأكثر تعرضًا لمخاطر الطقس القاسي.

وأوضحت المؤسسة في تصريحات صحفية، الجمعة، أن آلاف المواطنين ما زالوا محاصرين داخل خيام مهترئة غمرتها السيول والأمطار الغزيرة، رغم النداءات المتكررة بشأن غياب مراكز إيواء بديلة توفر الحد الأدنى من الحماية.

وبيّنت الإغاثة الطبية أن أربع نقاط طبية تابعة لها خرجت عن الخدمة بالكامل بعد أن غمرتها الفيضانات، ما أدى إلى تلف أجهزة ومعدات طبية كانت تُستخدم لمساعدة النازحين.

كما عبّرت المؤسسة عن قلق بالغ من احتمال انهيار المنظومة الغذائية خلال الأيام المقبلة، في ظل النقص الحاد في السلع الأساسية وصعوبة إيصال المساعدات إلى مراكز الإيواء مع استمرار الظروف الجوية العاصفة.

وخلال الـ24 ساعة الماضية، تسبب المنخفض الجوي العنيف في استشهاد 10 فلسطينيين إثر انهيارات متفرقة طالت منازل وخيام نازحين، في وقت تواصل فيه طواقم الدفاع المدني جهودها في انتشال الشهداء والمصابين من تحت الأنقاض.

وأفادت مصادر طبية صباح الجمعة بأن طفلًا رضيعًا وطفلة فارقا الحياة متأثرَين بالبرد القارس، بينما أُعلن في مستشفى الشفاء وفاة الطفلة هديل المصري (9 أعوام) داخل مركز إيواء غربي غزة، والرضيعة تيم الخواجة من مخيم الشاطئ.

كما أعلن الدفاع المدني عن استشهاد مواطنين اثنين جراء انهيار جدار قرب ملعب فلسطين غرب غزة، إضافة إلى خمسة شهداء آخرين بانهيار منزل في بئر النعجة ببيت لاهيا، وشهيد آخر في مخيم الشاطئ بمدينة غزة. وتمكنت فرق الإنقاذ من انتشال شهيد وإصابتين لطفلين من منزل آل بدران في المنطقة ذاتها، فيما لا تزال عمليات البحث جارية عن مفقودين.

ويوم أمس، توفيت الطفلة رهف أبو جزر بعد أن أغرقت الأمطار خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس، في حين شهدت مدينة غزة انهيار أربعة مبانٍ في مواقع متفرقة، ما دفع الدفاع المدني للتحذير من خطر المباني المتضررة التي تستخدم مأوىً للنازحين.

وأكد الدفاع المدني أن نسبة واسعة من منازل غزة المدمَّرة باتت مهددة بالانهيار عند تسرب المياه، داعيًا الأهالي إلى اتخاذ الحيطة وطلب تقييم هندسي قبل السكن فيها.

ومنذ فجر الأربعاء، غرقت آلاف الخيام في مختلف مناطق القطاع بفعل الأمطار الغزيرة والرياح العاتية، بينما تشير التوقعات إلى استمرار الحالة الجوية العاصفة حتى مساء الجمعة.

ويعيش مئات آلاف النازحين وسط ظروف كارثية، مع انعدام مقومات الحياة الأساسية وصعوبة الوصول إلى المساعدات، في ظل القيود المشددة التي تفرضها “إسرائيل” على دخول الإغاثة إلى القطاع.

وتُقدّر فرق الدفاع المدني أن نحو 250 ألف أسرة تعيش في مخيمات نزوح داخل خيام مهترئة، ومعرّضة للغرق والانهيار في أي لحظة، فيما كشفت بيانات حكومية سابقة أن 93% من خيام النازحين—أي قرابة 125 ألف خيمة—أصبحت غير صالحة للإيواء بعد عامين من الحرب والقصف والعوامل الجوية.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكبت قوات العدو الإسرائيلي –بدعم أميركي أوروبي– إبادة جماعية في قطاع غزة شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير والاعتقال، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 241 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة الكثيرين، في ظل الدمار الشامل الذي محا معظم مدن القطاع ومناطقه.