كير أميركا.. لن يحرق سوى العملاء

هاشم أحمد شرف الدين

————————

في مثل يوم أمس قبل عامٍ بالضبط، أي في الرابع والعشرين من يناير 2015م نقلت وسائلُ الإعلام الدولية تصريحاتٍ لمسؤولين أميركيين أكّدت أن الولاياتِ المتحدةَ علّقت بعض عملياتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة في الـيَـمَـن عقب سيطرة الحوثيين على مقاليد السلطة في الـيَـمَـن واستقالة الرئيس هادي.

وكالة الأنباء الدولية رويتر نقلت، في حينه – عن مسؤولين أميركيين أمنيين القول “إن انهيارَ الحكومة الـيَـمَـنية أدَّى إلى شلل جهود مكافحة الإرهاب- وإن الأمرَ تسبب في نكسةٍ كبيرة لجهود مكافحة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، وإن وقفَ العمليات العسكرية سيتضمنُ وقْفَ غارات الطائرات من دون طيار على الأقل مؤقتاً”.

واليوم، وبعد مرور عام كامل على تلك التصريحات – أي قبل يومين – صرّح “جون كيري” وزير خارجية أمريكا أن بلادَه تدعم السعودية في حربها على من وصفهم بـ”المتمردين الحوثيين”.

 

لنناقش التصريحين:

قال الأمريكان قبل عام إن سيطرة الحوثيين على السلطة أعاقت جهود أمريكا في مكافحة الإرهاب. حسناً، هل يملك الأمريكان إجابات على هذه الأسئلة:

– من الذي يحكم الآن محافظات عدن ولحج وأبين؟

– أليس أنها العناصرُ ذاتُها التي كانت تحكُمُ صنعاءَ وكانوا يعتبرونها شريكاً لهم في مكافحة القاعدة؟

– أليس مَن يحكم عدن هو هادي وحكومته المدعومة أمريكياً؟

– فلماذا إذن توقّفت جهودُ أمريكا لمكافحة الارهاب هناك، على الرغم من كونها صارت مناطق تنشط فيها القاعدة بكثافة؟

– لماذا لم تنفذ طائراتُهم من دون طيار أيَّةَ غارة على عُنصر إرهاب إضافي جديد هو داعش في عدن وأبين ولحج؟

– ولماذا سمح الأمريكي بسيطرة القاعدة على محافظة حضرموت حيث لا وجود لسلطة الحوثيين؟

– ولماذا اختفى وجود القاعدة وداعش من المناطق التي لا سيطرة لهادي وحكومته المدعومة منكم عليها كصنعاء وإب وعمران وَغيرها؟

سيقرر الواقعُ الإجابةَ على كل تلك الأسئلة، فكما ظل تحالف هادي وحكومته مع الأمريكان ينتج توسعاً لنفوذ القاعدة في الـيَـمَـن خلال السنوات الماضية، فها هو الانتاجُ ذاته مستمرٌّ في المناطق التي تمكَّن العدوان السعودي الأمريكي الإسرائيلي من إبقائها خاضعةً شكلياً لإدارة هادي وحكومته الموصوفة بالمدعومة من واشنطن..

فخلالَ سنوات رئاسة هادي وحكومتيه “باسندوة – بحاح” لم تكن السلطةُ الـيَـمَـنية سوى ميسِّرٍ لنشاط القاعدة، وليس أدلَّ على ذلك من إنشاء معسكرات إيواء وتدريب لهم في عدة مناطق يمنية كمعسكر يحيص بأرحب والسحيل بمارب ونخلا واللبنات..

ولأنه حقاً زمن كشف الحقائق، فقد أصبحت إجابات الكثير من التساؤلات في متناول الجميع بسُهولة، فأمريكا عدوُّ المسلمين الأول لم تجد بُدّاً من خلع القناع لتقول للعالم: لست أخشى القاعدة، لا أكترث لداعش، إنما الخوف كل الخوف من الحوثيين..

– فمَن هم الحوثيون الذين انبرت أمريكا لتحاربَهم، ليس بطائرات من دون طيار وإنما بتحالُف مع دول النفط العربي وإسرائيل ودول غربية قوية لم يتورّع عن استخدام أعتى الأسلحة لارتكاب أشد جرائم الحرب وأكثرها خسة ضد الإنسان الـيَـمَـني؟

– وما المشروعُ العظيمُ الذي يحمله الحوثيون هؤلاء لتحاربَهم أميركا دون أن تتمكنَ من تلفيق تهمتها الجاهزة “الإرهاب” عليهم؟

– مَن هُم هؤلاء الذين اعتبر العدوُّ الاسرائيلي سيطرتَهم على باب المندب خطراً يفوقُ حصولَ إيران على القنبلة النووية خطورة؟.

– كيف تمكّنوا من الصمود ثلاثمائة يوم ونيّف أمام أشرس عدوان عرفته البشرية؟

– وهل أبقى انجلاء الحقائق بهذا القدر من الوضوح حُجَّة لأيِّ يمني أَوْ عربي أَوْ مسلم أَوْ إنسان لكي يعلم مَن يقفُ في موقف الحق ومن يقف في موقف الباطل؟

– هل بقي مجالٌ للشك بأن أمريكا وعملاءَها من الحكام العرب هم مَن يعملون على توسع القاعدة وداعش المسيئين للإسلام؟

– هل ما زال بوسع البعض تجاهل حقيقة استهداف أمريكا ومن معها في هذا العدوان للـيَـمَـنيين ككل، وليس فقط من أسماهم كيري بالحوثيين؟..

لقد قال بوش الابن مبرراً حربَه على المسلمين: “إن حرب أميركا ضد الإرهاب هي حرب صليبية” أي أنها حربٌ على الإسلام..

ومثلُه فعل كيري – ضمناً – قبلَ يومين حين خصَّ “الحوثيين” في تصريحه، وكأنه أراد أن يقولَ: “إن حرب أميركا على الـيَـمَـن في هذا العدوان تستهدفُ المسيرةَ القرآنية”..

هذا هو هدفُ العدوان الأميركي الأول إذن “المسيرة القرآنية” المنهج الذي يسيرُ عليه أنصارُ الله، المسيرة التي تعلي رايةَ الإسلام القرآني المحمدي، وتحظى بتأييد متنام كل يوم..

 

ومضة:

كما بدأت هذه المسيرةُ عقبَ تصريح “بوش” المستهدِف للإسلام والمسلمين، ونَمَت رغم الحروب الست التي شُنَّت على المنتمين لها، فإن اللهَ تعالى سيحميها اليوم عقبَ تصريح “كيري” وسينصُرُهَا على هذا العدوان وإن تكرر ستَّ مرات، فكلمةُ الله ستبقى العُليا على يد أنصارِ الله، ولن يطالَ “كير” أمريكا سوى مَن يجلس بجانبها حين تنفخُ فيه..

“يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُوْرَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”.