صنعاء– 25 محرم 1447هـ

ألقى اليسد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، اليوم الأحد، كلمة بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، تحدث فيها عن ثورة الإمام زيد ضد الطغيان الأموي والمبادئ التي أحياها في ثورته ومدى حاجة الأمة إلى استلهام الدروس والعبر من ثورته نظرا لما تمر به من تحديات ناتجة عن ابتعادها عن القرآن الكريم وإحياء فريضة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأوضح السيد القائد أننا نحيي ذكرى استشهاد الأمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهما السلام لأنها ذكرى تذكرنا بهذا الرمز العظيم من رموز الإسلام وهداة الأمة والتي نحييها لما يعنيه لنا الامام زيد وهو الرمز العظيم الذي له اسهامه الكبير في احياء الحق وإقامة الدين الإسلامي والتصدي للطاغوت الاساهم الذي امتد في الامة جيلا بعد جيل

عندما نحيي الذكرى فلما يعنيه الامام زيد ونحن نستلهم منه الدروس العظيمة التي نحن في امس الحاجة اليها ولما في الحادثة نفسها من درس وعبر مهمة ونحن في امس الحاجة كأمة تواجه التحديات الى الاستفادة من تاريخها فيما يزيدها وعيا وبصيرة وشعورا بالمسؤولية وادراكا لأهمية الأمور التي لفت القران نظرنا اليها

وأوضح أن هذه الذكرى التي تذكرنا بهذا الرمز العظيم من رموز الإسلام وهداة الأُمَّة، والتي نحييها لما يعنيه لنا الإمام زيدٌ عليه السلام، وهو الرمز العظيم، الذي له إسهامه الكبير فـي إحياء الحق، وإقامة الدين الإسلامي، والتَّصَدِّي للطاغوت، والإسهام الذي امتد فـي الأُمَّة جيلاً بعد جيل. مضيفا أننا حينما نحيي هذه الذكرى فلما يعنيه لنا الإمام زيدٌ عليه السلام، ونحن نستلهم منه الدروس العظيمة، التي نحن في أمسِّ الحاجة إليها في عصرنا هذا ومرحلتنا هذه، ولما في الحادثة نفسها من دروسٍ وعبرٍ مهمة.

ولفت إلى أن الإمام زيد عليه السلام هو من سلالة بيت النبوة، ومعدن الكرامة، وأبوه زين العابدين، وسيد الساجدين، علي بن الحسين، وجده هو سبط رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الإمام الحسين عليه السلام. مضيفا أن الإمام زيد عليه السلام هو المعروف بين كل الأُمَّة بكماله الإيماني العظيم، ومنزلته الكبيرة والعالية، ودوره المميز، الذي أسهم فيه بشكلٍ كبير في إحياء الحق، والتَّصَدِّي للظلم والطاغوت، يحظى بالمكانة المحترمة بين كل فرق الأُمَّة، ويعترف الجميع له بعلو المنزلة وعظيم الشأن.

وقال السيد: “الإمام زيد عليه السلام في نهضته، وهو استشهد فـي العام مائة واثنين وعشرين للهجرة، كانت نهضته امتداداً لنهضة جده الحسين عليهما السلام، ولذلك كان يقول الكثير من أهل البيت عن قيامه: (قام مقام صاحب الطف)، يعنون الحسين عليه السلام، فحركته، ونهضته، وقيامه، امتدادٌ لقيام ونهضة جده الحسين عليه السلام”. مشيرا إلى أن الأمة كانت ما بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام قد تحركت ونهضت في ثوراتٍ متتالية، في مناطق متفرقة، إضافةً إلى الصراع الزبيري الأموي، ولكن ما بعد ذلك عادت السيطرة الأموية على الأُمَّة من جديد، واستحكمت القبضة الأموية على الأُمَّة الإسلامية بكلها بشكلٍ كامل، بكل ما تمتلكه من رصيدٍ إجراميٍ ظلاميٍ رهيبٍ جداً.

ولفت إلى أننا عندما نتحدث عن الإمام زيد وعما كان عليه وعن قضيته ودوره في الأمة فنحن نتحدث عنه كرمز عظيم من رموز الإسلام ومن هداة الأمة.

الطغيان الأموي

وأوضح أن المرحلة التي نهض فيها الإمام زيد عليه السلام كانت مرحلة حساسة وخطيرة جدا استحكمت فيها سيطرة الطغيان الأموي على الأمة، حيث دمر الطغيان الأموي وأحرق الكعبة المشرفة واستباح المدينة المنورة وأباد عترة رسول الله وصحابته أيضا، مؤكدا أن الطغيان الأموي استهتر بكل المقدسات الإسلامية واستخف بالقرآن الكريم وبرسول الله صلى الله عليه وعلى آله.

وأكد أن اليهود كانوا يحضرون مجالس حكام بني أمية ويحظون بالمكانة الكبيرة ويوجهون منها سبهم وإساءتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وكثفوا كل جهودهم لإذلال الأمة وتحريف مفاهيم الإسلام وطمس الكثير من معالمه، كما عمل حكام بني أمية بشكل كبير على أن تتحول وضعية الأمة تحت سيطرتهم وضعية الاستعباد والإذلال والخضوع التام .

وأوضح أنه فـي ظل تلك الوضعية، التي قابلها خنوعٌ من الأُمَّة؛ بسبب السـطوة، والجبـروت، والظلـم الشـديد، والتنـكيل الـذي كـان يمارسه طغاة بني أُمَيَة تجاه الأُمَّة، كان تحرك الإمام زيد عليه السلام فـي تلك الظروف الصعبة جداً تحركاً مهماً وعظيماً، يستند إلى دافعٍ إيمانيٍ عظيم، وإلى كمال وعيٍ وإيمانٍ على مستوىً عظيم.

معالم نهضة الإمام زيد “عليه السلام”

وأوضح السيد أن هناك معالـم أساسية في نهضة الإمام زيدٍ عليه السلام، عَمِل عليها على مدى سنوات، حتى لقي الله شهيداً، والعنوان الجامع لكل تلك المعالم، والتي تتفرع عنه كل تلك المعالـم، هو سعيه عليه السلام لإعادة ارتباط الأُمَّة بالقرآن الكريم، عـلى أساس الاهتداء والإتباع العملي، وهذه قضية مهمة، وقضية جوهرية. مشيرا إلى أن  علاقة الأُمَّة بالقرآن الكريم، في ظل سيطرة الطغاة، والظالمين، والمجرمين، والمضلِّين، تتحوَّل إلى علاقةٍ شكلية؛ يبقى القرآن الكريم بين أوساط الأُمَّة، تقوم الأُمَّة بتعليمه للقراءة، للتلاوة؛ ولكن مستوى الاهتداء به، والتَّمَسُّك بمفاهيمه بشكلٍ صحيح، والإتباع العملي له كمنهجٍ للحياة، وأساسٍ تتحرَّك على أساسه الأُمَّة فـي كل المواقف، وفـي كل المجالات، يُغَيَّب هذا عن الأُمَّة بشكلٍ كبير.

وقال السيد: “الإمام زيدٌ عليه السلام كانت صلته بالقرآن وثيقة، وعلاقته بالقرآن عظيمة، وتميَّز بذلك؛ حتى عُرِف في المدينة المنورة بحليف القرآن، أصبح هذا لقب يُلَقَّب به، وعنواناً يُطلق عليه (حليف القرآن)”.

وأكد السيد القائد أن الإمام زيد عليه السلام يعرف أنَّ مشكلة الأُمَّة تتلخَّص فـي أزمة علاقتها بالقرآن الكريم، وكان لهذا أثره الكبير على الأُمَّة في كل شيء، بدءاً من علاقتها الإيمانية بالله سبحانه وتعالى. موضحا أن التمسك بالقرآن الكريم هبط إلى مستوى رهيب جدا فأصبح الانتماء للكثير من أبناء الأمة شكليا

وأوضح أن من العناوين التي ركز عليها الإمام زيد عليه السلام العنوان الجامع “عنوان البصيرة” لأن من أهم ما تحتاج إليه الأمة هو الوعي، وأضاف: “الوعي القرآني الذي يعطي الأُمَّة بصيرةً عالية، وفهماً صحيحاً، عن الإسلام، عن مسؤوليتها عن أعدائها، عن واجباتها، عن المخاطر الحقيقية عليها، الوعي الذي تحتاج إليه الأُمَّة في مواجهة كل فئات الضلال، كل فئات الباطل، كل الظالمين والمستكبرين والطغاة، والأُمَّة بحاجة ماسَّة إلى الوعي وإلى البصيرة”.

وبيّن أن من أهم عطاءات القرآن الكريم هو الوعي العالي، الذي يُحَصِّن الأُمَّة من كل أشكال الاستهداف بما يسمَّى بالحرب الناعمة في  الاستهداف الفكري، والإعلامي، و الثقافي وكل أشكال الاستهداف التي تندرج بكلها تحت عنوان الضلال والإضلال، وهي من أخطر ما تُستهدف به الأُمَّة من فئات الضلال من اليهود، والنصارى، وسائر الكافرين، وفئات الظلال المحسوبة على الأُمَّة، والتي تعمل بما يخدم أعداء الأُمَّة.

وشدد على أن الأُمَّة بحاجة إلى البصيرة، و الوعي من خلال القرآن الكريم، وبدون البصيرة تعمى القلوب، وتغيب عن الناس الكثير من الحقائق، وتكون الأُمَّة ويكون الكثير من أبناء الأُمَّة في قابلية تامَّة لأن يُخْدَعوا، و يُضِلَّهم المضلُّون، و تؤثِّر عليهم كل الأنشطة التي تأتي من أعدائهم بهدف إضلالهم.

إحياء مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وأوضح السيد أن من العناوين التي سعى الإمام زيد عليه السلام لإحيائها هو مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه من المبادئ التي يعمل الطغاة والمستكبرون على تحريف معانيها من جهة ومضامينها، وعلى إضاعتها من واقع الأُمَّة من جهةٍ أخرى، وهو من العناوين المهمة في القرآن الكريم. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنـكر من المهام الكبرى للأُمَّة الإسلامية، ومما أكَّد الله عليه في القرآن الكريم كثيراً، بل ارتبطت خيرية هذه الأُمَّة بها، وهي ميزةٌ كبرى في خيرية أخيار هذه الأُمَّة، وهداة هذه الأُمَّة.

وقال السيد: “أخيار هذه الأُمَّة وهداتها، بدءاً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان من أعظم ما تميَّزوا به، وما كانوا به أخياراً، هو هذه المواصفات العظيمة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله تعالى، ومسؤولية الأُمَّة أن تسير بسيرتهم، وأن تحذو حذوهم، فـي النهوض بهذه المسؤولية الكبرى، والمقدَّسة، والعظيمة”. مضيفا أن محاربة المنكر والسعي لإزالته من أهم مسؤوليات الأمة المقدسة ومن أهم دلائل إيمانها والأمة إذا أضاعت مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اتجهت الأمور بشكل معاكس فيكون المعروف محاربا حتى في أوساطها.

وأكد أن في مسيرة اليهود وأعوانهم وفيما يفرضونه على الناس في كل المجالات أن يكون المنكر هو السائد والمسيطر والمهيمن في الساحة فاليهود يعملون على أن يتحول المعروف إلى غريب في واقع الأمة يواجه بالسخرية والازدراء وبالمحاربة والمنع.

وبيّن أن الإمام زيد عليه السلام سعى من جديد إلى إحياء مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن نقص هذا المبدأ العظيم، وشطبه من التزامات الأُمَّة الإيمانية والدينية، يغيِّر واقع الحياة إلى واقعٍ مظلم مليءٍ بالمفاسد، والجرائم، والمظالم، والمنكرات، وهذا نقص رهيب جداً، يحوِّل الإسلام إلى حالة شكلية، فيه القليل من الطقوس والشعائر في واقع الأُمَّة. وأضاف: “الإمام زيدٌ عليه السلام عندما رفرف لواء الحق فـي قيامه عليه السلام، قال: ((الحمد لله الذي أكمل لي ديني، أَمَا والله لقد كنت أستحيي أن أقدم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله يوم القيامة، ولـم آمر فـي أمته بمعروف، ولـم أنـهَ عـن منــكر)).

وأشار السيد إلى أن  ثمرة الإسلام هي الحق والعدل ومكارم الأخلاق وكل ما يعبر عن الخير في امتداداته في واقع الحياة، موضحا أن الإمام زيد عليه السلام كان يدرك أهمية إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المقدسة والعظيمة وخطورة نقصها في الدين، مؤكدا أنه دين الأمة عندما يصبح دينا ناقصا تغيب ثمرته عن واقع حياتها

وأضاف: ” حينما تفقد الأمة تربية القرآن الكريم، وروحية القرآن الكريم، تصل إلى ذلك المستوى المتدني: من الهبوط في روحها المعنوية، وفقدان الثقة بالله سبحانه وتعالى، والنقص الكبير في الشعور بمسؤوليتها، حينها تصل إلى حالة التهيب والتخوف من مواجهة الباطل والضلال، تشعر بالضعف واليأس، تفقد الثقة بالله سبحانه وتعالى، وتفقد الدافع الإيماني، والعزة الإيمانية، فتقبل بالإذلال، وتقبل بالهوان؛ تهيباً وخوفاً من المواجهة للطاغوت وللظالمين، ((ما كره قومٌ قطُّ حرَّ السيوف إلَّا ذلوا)). مشيرا إلى أن الإنسان عندما يصبح همه فقط أن يبقى في هذه الحياة على أي وضعيةٍ كان، في وضعية الذل، والخنوع، والباطل، والاستسلام للطغاة والمجرمين والمفسدين؛ تتحول الحالة إلى حالة سيئة، يتهيَّب من أن يتحرك في سبيل الله مخافة أن يستشهد.

لم تضع جهود الإمام زيد “عليه السلام”

وأوضح السيد أن  الإمام زيد عليه السلام في عطائه العظيم، وتضحياته الكبيرة، لم تضع جهوده سدى، بل امتد هذا العطاء عبر الأجيال، وأرسى مدرسةً لامتداد الحق، تبقى في كل زمن، وستبقى إلى قيام الساعة. مضيفا أن الإمام زيد عليه السلام بالرغم مما عاناه من تخاذل الكثير من أبناء الأمة، إلَّا أنه كان مصمماً، عازماً على القيام بواجبه، والنهوض بمسؤوليته، وقد بلغ تصميم وعزم وثبات الإمام زيد إلى أن قال: لو لم يخرج معي إلا ابن يحيى لقاتلتهم.

وأكد أن طغاة بني أمية بعد قتل الإمام زيد صلبوا جسده لأربع سنوات وبعدها قاموا بإحراق جسده حتى حولوه إلى رماد، كما حاول طغاة بني أمية ألا يبقى من الإمام زيد شيء وظنوا أنهم بذلك يطفئون نهجه وينهون أثره في الأمة لكنهم فشلوا فشلا تاما فقد لقد واصل يحيى بن زيد عليهم السلام مسار والده وحمل رايته واستمر في جهاده واستشهد بعد استشهاد أبيه بأربع سنوات

وأوضح أنه بعد استشهاد الإمام زيد عليه السلام لم يبق الطغيان الأموي والسلطة الأموية في سيطرتها على الأمة سوى عشر سنوات وانتهت تماما

وأوضح أن جهاد الإمام زيد وتضحياته أعطى للحق دفعا وامتدادا في أوساط الأمة ليستمر جيلا بعد جيل. موضحا أن الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى أن تحيا بالقرآن الكريم من جديد لتصحيح وضعيتها.