خارج حرب التصريحات .. تركيا تعاون ملاحي وعلاقات تجارية مع كيان العدو الاسرائيلي
تقرير | يحيى الشامي
ضمن الحلول البديلة التي يلجأُ إليها كيانُ العدو للتخفيفِ من كُلفِ الحظرِ اليمني طريقةَ الترانزيت أو ما يعرف بمراكز الشحن البديلة، وفيها يتمُ نقلُ البضائع من سفن إلى أخرى مباشرةً، أو تفريغُها في موانئ دولة مجاورة، ومنها تنقل البضاعة بسفن أصغر إلى موانئ كيان العدو، وتكون السفينة عند انطلاقها قد سجلت الميناء الوسيط كوجهة نهائية للتحايل على قرار الحظر.
وفقًا لتقارير رسمية فإن حجم التبادل التجاري بين كيان العدو ودول جنوب آسيا يصل إلى 26%، من إجمالي تجارة الكيان، غير أن حركة الملاحة البحرية لا تتوافق مع هذا الرقم المهول!
طريقة الترانزيت وحدها يمكنها تفسير التناقض الظاهري، كما أن حركة السفن في الحوض الشرقي للمتوسط تعززُ فرضية استخدام العدو موانئ مجاورة كنقاط شحن بديلة (ترانزيت) بغرض حماية السفن من تبعات خرق الحظر اليمني.
لكن السؤال: أي دولة مستعدة لوضع موانئها في خدمة كيان متهم بارتكاب جريمة إبادة، وبالتالي مساعدته في إفشال ورقة اليمن الأقوى في وجه الإبادة التي يرتكبها العدو في غزة؟!
أظهرت تقارير التجارة البحرية الصادرة عن الأمم المتحدة
أن موانئ اليونان سجّلت في فترة الحظر اليمني طفرة غير مسبوقة بأرقام الصادرات اليونانية إلى كيان العدو، بلغت نسبة 41.3% مقارنة بعام 2023،
الأمر الذي يفسر كيف تعمل الموانئ اليونانية كنقاط شحن بديلة في خدمة كيان العدو، للتحايل على تبعات قرار الحظر اليمني على ملاحة العدو.
تملك اليونان أسطولاً بحرياً هو الأعلى قيمة عالمياً، يمثل 16% من حمولةِ سفن العالم، ما يضع 1,821سفينة على الأقل تبحر تحت العلم اليوناني ضمن بنك أهداف المرحلة الرابعة من تصعيد الحظر اليمني المساند لغزة.
في سياق متصل بطرق التحايل، ليس على قرار الحظر اليمني وحسب، بل على الوعي العربي والإسلامي كذلك، يبرز المشهد التالي مجموعة من السفن التركية ترسو في مينائي حيفا وأسدود وفق ما رصدته مواقع تتبع ملاحية قبل ساعات من عرض التحقيق. يحدث هذا بعد عام وشهرين من قرار تركي بقطع التبادل التجاري بين بلاده والكيان، فكيف يفسر الأمر؟!
وبتفصيل أدق تظهر مواقع تتبع حركة الملاحة البحرية -مثل MyShipTracking- تتابع عمليات شحنِ البضائع الإسرائيلية إلى موانئ تركية والعكس.
“ليزا” واحدة من أكبر السفن التي تقوم بهذه المهمة:
خلال شهر يوليو فقط نقلت 160 ألف طن من البضائع إلى كيان العدو، فيما عادت في ثلاث زيارات من حيفا محملة بصادرات للعدو إلى تركيا، بينما تظهر هذه اللقطاتُ الحية السفينةَ في طريق رحلتها الرابعة محملة بشحنة صادرات من حيفا الى تركيا.
تتناقض حركة الملاحة مع حرب التصريحات بين الطرفين، من بينها إعلان أردوغان في مايو/2024 إيقاف التبادل التجاري مع كيان العدو، وهو تبادل يتجاوز 9 مليارات ونصف سنوياً.. غير أنه بدا -في سياق حرب التصريحات- مجرد ظاهرة صوتية، بينما لم يوقف حركةَ الملاحة التجارية الجارية على مياه دافئة من العلاقات الثنائية الصامدة رغم ضراوة حرب التصريحات.
وهنا أبرز السفن النشطة بين تركيا وكيان العدو خلال الأيام الماضية:
• سفينة “DEBBIE”: قامت بـ 11 زيارة إلى ميناء حيفا.
• سفينة “BARBAROS”: رست في موانئ الاحتلال 22 مرة، وكل هذه الرحلات كانت قادمة إما من مصر أو من تركيا، ما يبرز حجم التعاون اللوجستي.
• سفينة “MEDKON LTF”: قامت بخمس رحلات ذهابًا وإيابًا بين الموانئ التركية وموانئ كيان العدو.
• سفينة “MEDKON MERSIN”: هذه السفينة تعمل ضمن خطة تشمل موانئ مصر والاحتلال والموانئ التركية، ما يؤكد طبيعة العمليات المتشابكة.
• سفينة “MEDKON CANAKKALE”: سجلت 3 رحلات في يوليو وحده، حاملةً آلاف الأطنان من البضائع.
• سفينة “TRANS CARRIER”: سجلت 6 زيارات في يونيو ويوليو.
• سفينة “LISA”: هذه السفينة الضخمة، بحمولة تزيد عن 40 ألف طن، قامت بـ 7 رحلات ذهابًا وإيابًا.
- بالإضافة إلى سفن أخرى مثل “SVS JUSTICE” و “RMS MEL” و “ARIEL” التي تقوم برحلات متعددة بين الموانئ المختلفة.
العلاقات التركية الإسرائيلية أجلى من أن تخفى، وريع المكاسب بينهما أكبر من أن يُضحّي بها أردوغان من أجل فلسطين، فـ”السلطان” أو “الخليفة” كما يحب تسمية نفسه، يُمسك العصى من وسطها ببراغماتية عالية، وإن سقطت القضية، يُعادل الموقفَ ويجزّئ المبدأ، لغزة التصريحات والمنابر، وللمصالح والمكاسب الأولوية، ولـ”إسرائيل” الموانئ التي لم تتوقف سفنها إياباً من مرافئِ فلسطين المحتلة وذهاباً إليها، في رسم الضمير التركي يضع هذا التحقيقُ المتواضعُ تضحيات الشعب الفلسطيني.