مظلومية وانتصار

حدثني المطر.. د.أسماء الشهاري.

د.أسماء الشهاري

 

من النافذة كنت أُطالِع قطرات المطر.. كانت تنزل في هدوء و بعد دقائق قليلة إذا بالمياه المباركة تتدفق بغزارة و كأنَّ أبواب السماء كلها قد فُتِحت.. امتلأت الشوارع و كأنَّها أنهار جارية…

قلت :ياااه.. سبحان الله.. هذه المياه المُنهِمَرة من السماء بكل هذه الغزارة و من أيام عديدة…

أغلقت النافذة من كثافة تلك المياه.. و لكني تفاجأت بإحدى قطراتها كانت قد دخلت من النافذة، و كانت قطرة كبيرة في حجمها.. قالت لي :أتسمحين لي في الجلوس.. قلت لها : نعم تفضلي..

ابتسمت لي وقالت :أتعجبين من غزارة هذه المياه المباركة و استمرارها لساعات طويلة و أيام عديدة قلت لها :نعم، فقالت : ليست محافظتكِ فقط.. بل العديد من المحافظات اليمنية تهطل فيها هذه الأمطار.. أنتم أهل اليمن يحبكم الله كما يحبكم نبيه فأنتم أهل الإيمان و الحكمة..أنتم الأرق قلوباً و الألين أفئدة.. نزلت فيكم الكثير من الآيات، ألا يكفيكِ قوله تعالى : “فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم و يحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم..” أنتم من نصرتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و نصرتم دينه و نشرتم الإسلام في بقاع الأرض..و أنتم من ستنصرونه في آخر الزمان.. من جِهتِكُم يأتي نفس الرحمن و يأتي المدد.. هناك أيضاً أسباب أخرى لهذه الأمطار.. فقلت لها في لهفة :أخبريني ما هي؟

لقد اطّلع الله على صمودكم و صبركم و عِزتكم و هو عزيز يحب من يعتزون به و يعتزون بإيمانهم و أنفسهم.. ألم تسمعي قوله تعالى :”ولله العزة و لرسوله و للمؤمنين ” عندما حاصركم أهل الأرض.. فثبتُم و صبرتم و التجأتم له وحده و لم تَذِلوا لغيره.. أراد الله أن يجزي صبركم بخير كثير من لدنه و بمياه طاهرة مباركة يُذهب بها حَُزنَكُم و يربط بها على قلوبكم و يقول لكم بها أنه معكم و أنه لا يخفى عليه شيء من أحوالكم و ليُبارك بها الله توحدكم، و ليقول لكم أنكم على الطريق الصحيح من الكرامة و الجهاد و الصمود و الدفاع عن دين الله و وطنكم؛ قال تعالى:”و ألّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءاً غدقاً “… ليس هذا فقط!

قلت لها و عيناي تدمعان من الفرحة بهذه الرعاية الإلهية و هذه العناية السماوية : و ماذا أيضاً؟ فقالت : كأنَّهُ تعالى يقول لكم_كيف تخشون حصاراً أو تخافون من جوع و بيدي مفاتيح الخزائن و مقاليد السماوات والأرض و ملكوت كل شيء .. فإن حاصركم أهل الأرض جميعاً.. فقد فتحتُ لكم أبواب السماء.. فمن يقدر على أن يغلقها في وجوهكم أو يمنعها منكم؟ ارفعوا رؤوسكم و سلوني أعطيكم فقد ظُلمتُم و أنا ناصركم.. ألم تروا أني جعلت فيكم قوة و بأس شديد ما لم أعطه أحد من الناس غيركم.. و أيدّتكم بعوني و قوتي عندما رفضتم أن تركعوا لأحد غيري.. فلم تغلِبكُم قوى الأرض عندما اعتمدتم و توكلتم على قوة السماء..

حينها بكيت بشدة، و سألتها : و ماذا عن هذه الرعود القوية جداً، فردت : إنه الله سبحانه القوي الجبّار قد غضب لكل تلك الدماء البريئة التي تسفك بدون وجه حق و الجرائم القبيحة و التجاوزات الكبيرة الفادحة التي حلت بالمستضعفين منكم دون مراعاة لحرمة الله و لا لحرمتكم و إنَّ الله قاصم الظالمين و ناكس راية المتكبرين و إنَّ الله معكم و هو خيرُ النَّاصرين..

استيقظت حينها من النوم فجأة و الدموع تنهمر من عيني و أنا أشعر بطمأنينة و سكينة تملأ روحي و قلبي.. و بقوة عجيبة تملأ نفسي.. و إذا بالمياه المباركة تنهمر في الخارج… ففتحت نافذتي و ابتسمت لها، و قلت:أنتم من جنود الله فسلامٌ عليكم..