مظلومية وانتصار

لولا الشهيد القائد.. الظروف التي انطلق فيها المشروع القرآني

أعظم ما يقدِّم صورةً واضحة عن الشهيد القائد (رضوان الله عليه) هو مشروعه القرآني العظيم الذي قدَّمه، وحمله، وجسَّده مبادئَ وأخلاقا وقيما ثم ضحى بروحه في سبيل الله دفاعا عنه، فكتب الله له النجاح والبقاء والنماء نوراً للأمة، وعزاً للمؤمنين، ونصرة للمستضعفين لأنه مشروع نجاح ونجاة وعزة وكرامة حتمته الضرورة وأوجبه الانتماء الإيماني وأطلقه استشعارا للمسؤولية الدينية أمام الله سبحانه وتعالى وأمام المستضعفين من عباده وحمله الشهيد القائد رضوان الله عليه روحا وقيما وأخلاقا ومبادئ وضحى بروحه من أجل بقائه ونمائه وانتشاره واتساعه رغم قساوة الظروف التي انطلق فيها والتي سنتناول جزءا منها.

الأحداث والمتغيرات في المنطقة

أولا: انتصار حزب الله عام 2000 وانعكاساته في الواقع والتي منها

مثل انتصارا للأمة بأسرها وأعاد لها أملها في الخلاص من مشاكلها وعزز لديها حالة المنعة ووجه أنظارها نحو الاستقلال والحرية والخروج من حالة التبعية والانقياد للغير

كما أقلق الأعداء، مخافة أن يتحول هذا الانتصار إلى عامل يصنع المتغيرات ويمنع نفوذهم وتأثيرهم السلبي، ويتصدى لمؤامراتهم ومكائدهم على هذه الأمة فتحركوا لتفادي ذلك، ولتثبيت سيطرتهم بشكلٍ كامل على بلدان أمتنا وفق مخططٍ شيطانيٍ يحقق لهم جملةً من الأهداف أهمها:
صنع حاجز نفسي وثقافي تجاه هذا النموذج الشعبي الناجح الذي يمكن أن يحقق استقلال وحرية شعوب المنطقة وهذا ما لا يريده العدو اليهودي النصراني.

التوجه إلى تشويه هذا النموذج على المستوى الإعلامي والثقافي من خلال التكفيريين، الذين حاولوا أن يربطوا الأمة الإسلامية بهم.

السعي لبعثرة الأمة من الداخل، وتمزيقها فوق ماهي عليه عن طريق إذكاء الفتنة الطائفية والحزبية والعشائرية وغيرها.

الدفع بالأنظمة العربية نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي بغية القضاء النهائي على القضية الفلسطينية.

التشويه للإسلام كدين، وللمسلمين كأمة، وللجهاد كوسيلة تحرر ودفاع وحماية للأمة في دينها، ودنياها بهدف السيطرة المباشرة والكاملة عليها.

ثانياً: ذريعة الإرهاب

تعتبر الجماعات التكفيرية.. الأداة الرئيسية التي صنعوها لتنفيذ مشروعهم الاستعماري في المنطقة وقد اعتمدوا عليها في صنع الذرائع، التي يتحركون من خلالها، ويجعلون منها غطاءً لتنفيذ جرائمهم بحق هذه الأمة؛ بغية السيطرة التامة عليها

كما استفادوا منها في توجيه بوصلة العداء نحو الأطراف التي تريد أمريكا مع التأمين الكامل لإسرائيل.

وسخروها لإثارة الرعب من خلال تنفيذ جرائم فظيعة جدا خاصة في البلدان التي تعادي أمريكا وإسرائيل.

وأوكلوا إليها مهمة تدمير بلداننا في عالمنا الإسلامي، وإثارة الفتن وتشويه الإسلام، وإلهاء الشعوب عن التحرك الأمريكي الاسرائيلي المتزامن مع تحركها والذي استخدم عناوين مخادعة للشعوب كعنوان مكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والمرأة وغيرها.

هذا المخطط هو يستهدف الأمة كلها، وليس هناك استثناءات إنما هناك أولويات وطرق متفاوتة، حتى دول الخليج، ليست بمنأى عن الاستهداف الأمريكي اقتصاديا وعسكريا.

أما اليمن فقد صنفت على أنها البلد الثالث في قائمة الدول المستهدفة بعد أفغانستان والعراق نظرا لموقعه الاستراتيجي وثرواته المكنوزة وإشرافه على باب المندب أهم ممر تجاري في العالم.

ثالثاً: الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي للمنطقة

أولا: الاستهداف العسكري

الاستهداف اليهودي والنصراني بشكل عام يعني الإبادة الجماعية يعني الضياع والقهر والظلم والاحتلال والتهجير والتجويع وهتك الأعراض ومصادرة الحقوق يعني الاستسلام والضياع والذلة ويأتي هذ الاستهداف بأشكال وغايات أهمها:
الاجتياح كما حصل لأفغانستان والعراق

إخضاع السلطة والمكونات الموجودة في البلد المستهدف إلى القبول تلقائياً بالسيطرة العسكرية الأمريكية

إنشاء قواعد عسكرية لها، في أهم الأماكن الاستراتيجية في البلد، بما يضمن لها السيطرة العسكرية المباشرة عليه، وهذا ما حصل في اليمن، حيث أصبح لهم قاعدة عسكرية في وسط صنعاء، بجوار السفارة الأمريكية.

السيطرة على الجيش بزعم التدريب ورفع قدراته القتالية ثم العمل على تمزيقه من خلال هيكلته وشراء ولاءات ضباطه وكبار قادته، وتغيير عقيدته القتالية واستغلاله في شن الحروب بالوكالة والتحكم في قدراته العسكرية والقتالية وما يسمح به وما لا يسمح به، كما عملوا بالدفاع الجوي اليمني.

استباحة البلدان الإسلامية بشكل عام، وفتح المجال أمام الأمريكي لتنفيذ أي ضربات عسكرية: سواءً جوية أم برية، في أي منطقة، وداخل أي بلد يريد.

ثانيا: السيطرة الأمنية ووسائلها

أما السيطرة الأمنية فتضمنت إنشاء جهاز أمني جديد عرف بالأمن القومي، تحت تصرفهم المباشر، وسيطروا على الكثير من العناصر في الأجهزة الأمنية؛ ليشتغلوا كجواسيس لهم ولخدمتهم.

أضف إلى ذلك تحكمهم في السياسة والإجراءات الأمنية، بما يساعد على نشر الفوضى، والانفلات الأمني، وانتشار الجرائم، وكذلك الاغتيالات، وهذا لوحظ في الساحة اليمنية، ولوحظ بشكل متزايد، يعني: كلما زادت السيطرة الأمريكية على الدولة، وعلى مؤسساتها، وعلى أجهزتها الأمنية، كلما نشط الأمريكيون في خططهم الخبيثة لإحداث حالة التسيب الأمني وزيادة الفوضى والانفلات الأمني والاغتيالات.

ثالثا: السيطرة على القرار والعملية السياسية

كما سعت أمريكا للسيطرة على القرار السياسي، وعلى العملية السياسية، بهدف التدخل والتحكم بسياسات الدولة داخلياً وخارجياً ومنها أيضا السيطرة على برامج الدولة، والتدخل في عمل الوزراء والمسؤولين، وفرض إملاءات عليهم لصنع الأزمات وإدارتها وفرض جو تنافسي للتقرب من الأمريكي بغية الحصول على الامتيازات والمكافآت والحماية والاستقواء على الخصوم فحدث تنازع كبير، وشحن، وتعقيدات ما بين المكونات، والأمريكي يدعم ويغذي ذلك ويمنع أي تقارب أو حلول.

رابعا: السيطرة على التعليم والخطاب الديني

سعى الأمريكيون للسيطرة على التعليم؛ بهدف السيطرة الثقافية والفكرية، واحتلال العقول والقلوب، والسيطرة على التوجهات، وهذا أخطر أشكال الاحتلال، فسيطروا على التعليم والإعلام وغيروا المناهج الدراسية في مضامينها وأهدافها، وركزوا على المعلمين والمعلمات بدورات تدريبية لإفسادهم، ولتضليلهم، ولتشغيلهم بما يخدم الأهداف الأمريكية.
أضف إلى ذلك: سعيهم لتقديم مفاهيم محسوبة على الدين وليست منه؛ إنما يهدفون من خلالها إلى تدجين هذه الأمة لأعدائها، مثلاً: قدَّموا عنوان (القبول بالآخر) ليكون مفاده: القبول بالأمريكي يحتلنا، ويدوسنا، ويظلمنا، ويقهرنا، ويستعبدنا، وينهب ثرواتنا، ويحتل أرضنا، والقبول بالصهيوني اليهودي الإسرائيلي-الذي هوعدو- ليصادر فلسطين بالكامل، وليتآمر على أمتنا، ويفسدها ويعبث بها وبمقوماتها.

خامسا: السعي للسيطرة على القضاء والإعلام

سعى الأمريكي أيضاً للسيطرة على القضاء؛ بما يضيع العدالة، ويفقد القضاء دوره المأمول في خدمة الشعب، فاستقطب بعض القضاة وقدم برامجه، وأنشطته التي تزيد من تدهور القضاء وتحويله إلى معول هدم كما سيطر على الإعلام بكافة أشكاله ووجهه لخدمة مشروعه التدميري وللتغطية عليه بتزييف الحقائق وقلبها أمام الشعب.

سادسا: السعي للسيطرة على الاقتصاد والثروة النفطية

كما سعى للسيطرة على الاقتصاد، عبر سياسات اقتصادية تدفع البلد نحو الانهيار وتزيد من إحكام قبضته على الاقتصاد الوطني فأغرق البلد في الديون الربوية وشجع الرأسمالية أكثر وأكثر بحيث يتضرر منها الشعب بشكل كبير جدًّا، وتوسعت مساحة الفقر، وتحمل المواطنون الأعباء فوق الأعباء كما سيطروا على الثروات السيادية للبلد وتحكموا فيها كالغاز والنفط وحاربوا الجانب الزراعي بشكل كبير حتى أضحت وزارة الزراعة أضعف الوزارات وأفقرها وعملوا على ترسيخ مفاهيم خاطئة عن البلد وموارده الاقتصادية وأنه بلد شحيح في موارده وفقير في إمكانياته وثرواته البرية والبحرية وأن عليه أن يرضى بقدره كبلد يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لأغلب السلع ووجهوا أنظار الكثير من أبناء البلد نحو المخدرات والتسول والاتكال على الإغاثات والمعونات الخارجية كحل وحيد لمواجهة الفقر والمجاعة وشجعوا كذلك أساليب الاستغلال لدى التجار والاعتماد على العمل الخاص بدلا من العمل في مؤسسات الدولة فكثرت المدارس والجامعات والمشافي والمؤسسات والشركات الخاصة البعيدة عن الرقابة وأصبحت مراكز استغلال تزيد من معاناة الشعب.

سابعا: السعي لنشر الفساد الأخلاقي.. وسائلهم وأساليبهم

كما سعى الأمريكي لنشر الفساد الأخلاقي والرذيلة؛ بهدف ضرب الروح المعنوية والأخلاق، وتمييع وإفساد الشباب والسيطرة عليهم، والتدمير للنسيج الاجتماعي الذي بنيته الأساسية هي الأسرة، في هذا الاتجاه أنشأوا وشغَّلوا شبكات واسعة للدعارة بالآلاف، أنشأوا وشجَّعوا على إنشاء ملاهٍ ليلية للفساد، بدأت آنذاك في تلك المراحل بدأت في صنعاء، وبدأت في عدن، وبدأت في بعض المحافظات، وكانت إلى ازدياد مستمر، أوعزوا حتى إلى الفنادق بالتغاضي عن كل حالات الفساد.

سعى الأمريكيون إلى الفرز الاجتماعي على أساس العنصرية والفئوية والمناطقية والنوعية محاولين تحريض كل فئة على الأخرى فينظر الشباب نظرة الاشمئزاز لكبار السن وكل فئة تنظر للأخرى بعين البغض والحقد فأوغروا صدر المرأة على الرجل بدعوى حقوقها المسلوبة وهكذا فتتوا الأمة وأحرشوا بينها البين.

كما سعوا أيضاً لاستقطاب الوجاهات، ونشر الجمعيات التعاونية لغرض التجسس وتأسيس مراكز للأقليات كما يزعمون فقدِّموا اليهودية على أنها أقلية في اليمن وتم بناء كنائس وأديرة ودعوة الشباب اليمني لترك الإسلام والالتحاق بالنصرانية ثم أتوا بالأحمدية والبهائية والملحدين، وسعوا إلى الإتيان بالمزيد والمزيد، ثم يجعلون الكل في مستوى واحد؛ لإضاعة سيادة الإسلام في هذا البلد، وهذا البلد مسلم، مع أنه كان يتعايش مع الأقلية اليهودية التي كانت موجودةً في البلد، ولكنهم لا يريدون التعايش، بل أكثر من التعايش يريدون انتزاع سيادة الإسلام، وتقليص الانتماء الإسلامي؛ محاربة للإسلام وللانتماء للإسلام بنفسه.

تاسعا: السعي لتجريد الشعب من سلاحه

كما سعى الأمريكيون لتجريد اليمنيين عن أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة بشكل كبير، وعملوا على رفع أسعار السلاح وتشويه عملية حمل السلاح وجعلوا السير بالبنطلونات هو العمل المتحضر والإيجابي مع أنهم يسعون لاقتناء أفتك الأسلحة، ويرخصون بذلك لمواطنيهم ويشجعونهم ويقيمون لهم دورات تدريبية على كيفية استخدامه، أما العدو الاسرائيلي فلديه سياسة تعبوية عسكرية لا يعفى منها حتى النساء.

عاشرا: السعي لتوسعة النفوذ الإسرائيلي والتمهيد للتطبيع معه

والأخطر من كل ما مضى هو سعي الأمريكي إلى فتح مسار للتطبيع مع العدو الإسرائيلي بغية توسيع نفوذه في كل البلدان الإسلامية ثم عملوا على تجنيس اليهود الصهاينة بجنسيات عربية مختلفة ومنها حصول بعض الصهاينة على الجنسية اليمنية نتيجة ضغط السياسة الأمريكية مما يخول لليهود التنقل في البلدان الإسلامية لتنفيذ مهامهم التخريبية بكل حرية في الوقت الذي تسعى كثير من الأنظمة العربية لسحب الجنسية من أبناء البلد الأصليين ومنحها لليهود أو من تريد أمريكا كما فعل النظام البحريني وكان النظام اليمني يتقدم خطوات نحو هذا العمل بحجج أمنية وإنسانية وأن أصل اليهود من اليمن مستغلين قصة سليمان مع بلقيس.
لكل هذا النشاط في كل هذه المجالات: هي الوصول بهذا البلد، الوصول بهذا الشعب إلى الانهيار في كل شيء: سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً، وأخلاقياً، والتمزق الشامل، وهذا يسهل للعدو السيطرة الكاملة والناس في أسوء وضع وفي أضعف حال، هذا ما كان يريده الأمريكي: أن يفقدهم كل عناصر القوة، وكل عناصر الوحدة، وكل عناصر التجمع، كل عناصر الأخوة، كل عناصر التماسك، أن يبعثرهم ويمزقهم.

من خصائص ومميزات المشروع القرآني

في إطار هذه الحملة وهذه الهجمة وهذا الاستهداف الشامل ومن منطلق الانتماء الإيماني والشعور بالمسؤولية تحرك الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” في وقتٍ مبكر، قبل أن يستفحل الخطر ويتعاظم جدًّا، وتحرك معه ثلة من المؤمنين الواعين بضرورة أن يكون لهم موقف أمام تلك الأخطار وذلك الفساد والمنكر وحملوا هذا المشروع العظيم الذي تميز عن جميع المشاريع الأخرى الموجودة في الساحة بسمات ومميزات عظيمة منها:

انسجامه مع الهوية الإيمانية للشعب اليمني، والأمة بشكلٍ عام، وانطلاقته على أساس القرآن الكريم، الذي وصفه الله سبحانه بقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وقوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَام فكان هذا المشروع العظيم مشروعاً مستساغاً.

يمثل صلةً بالله تعالى: التمسك به يجعلنا على صلةٍ بالله، نحظى بتأييده، بمعونته، بنصره، برعايته… بكل ما وعد به نتاج ذلك، كما أن له أهمية معنوية عالية وهو مصدر لطاقة إيمانية هائلة، وهذا من متطلبات مواجهة تحدي بهذا الحجم الأمريكي والإسرائيلي، وبتلك الهجمة الشاملة والاستهداف الشامل.

ضرورة للوعي الديني، وللوعي الشامل، في مقابل التضليل: لأن هناك تضليل لخدمة أمريكا بالعنوان الديني، مثلما يفعله التكفيريون، وبالعنوان الديني مثلما يفعله المنبطحون المستسلمون لأمريكا المروجون لسيطرتها على الأمة بعناوين دينية، فالوعي الديني من خلال القرآن الكريم ضروري جدًّا للسلامة من تضليل التكفيريين والمنبطحين المستسلمين، وللوعي الشامل؛ لأن فيه تقييم كبير عن الأعداء ومؤامراتهم ومخططاتهم، عن كل عوامل القوة، وعوامل الضعف، عن أسباب النهضة… إلى كل ما نحتاجه في إطار الوعي الشامل.

القرآن الكريم شامل في عملية التحصين الداخلي على كل المستويات: يعني وعي، بصيرة، فهم، تزكية للنفوس، تربية على المستوى الأخلاقي راقية جدًّا، تعبئة قوية جدًّا، والتحصين الداخلي للأمة هو أكبر متطلبات الموقف، أكبر متطلبات هذه المعركة؛ لأنها تتجه إلى الاستهداف الداخلي، القرآن يصنع هذه الحصانة القوية جدًّا، والتحصين الراقي جدًّا، وعلى مستوى الوعي، والأخلاق، والإحساس بالمسؤولية.
منجزات هذا المشروع

كانت الأمة كما أسلفنا سابقا تغط في سبات عميق وهي في نفس الوقت تتعرض لكم هائل من المؤامرات التي لم تعهدها من قبل مؤامرات تؤدي إلى إضعافها واحتلالها والقضاء الكلي عليها وأمام كل هذه المؤامرات تحرك الشهيد القائد رضوان الله عليه رغم خطورة الموقف وتكالب الأعداء وموقف الخذلان من أغلب أبناء هذه الأمة بل انحياز الأكثر مع رغبات الأعداء وعلى الرغم من صعوبة الموقف وتعقيداته وكثرة الإشكاليات والمشاكل وتكالب الأعداء ووحشيتهم وهمجيتهم كانت الخطوات العملية في إطار هذا المشروع القرآني حكيمة، جمعت بين التحصين الداخلي، التعبئة المعنوية، وفضح العدو في عناوينه المخادعة، وركَّزت على الجماهير وعلى حشد الطاقات بشكلٍ عام: مشروع لكل المجتمع، فليس خاصاً بفئة معينة، أو بمذهب معين بل جاء مقبولا لدى الجميع فكان من منجزاته أنه عبر عن موقف الكل وحصِّن الساحة الداخلية، ورفع المعنويات، وهيأ الأذهان والنفسيات لنقلات عظيمة، وجه بوصلة العداء في الاتجاه الصحيح، وفضح زيف عناوين كثيرة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وراعية السلام التي تغنى بها الأمريكي طويلا وخدع بها العالم عقودا من الزمن، وأحيا في الأمة روح الجهاد والاستشهاد ورفع مستوى وعي الأمة تجاه الأعداء ومخططاتهم ومكرهم وتجاه الأحداث والمستجدات وقراءتها ومعرفة نتائجها ووصل بالأمة والقيادة إلى اتخاذ المواقف المشرفة والصحيحة والواقعية المنسجمة مع القرآن الكريم.

كما صنع أمة قوية متينة تحملت كافة الصعاب والمشاق وصمدت أمام التحديات والمشاكل وحققت إنجازات ونتائج كبيرة وواجهت العدو وأخافته وأربكت حساباته وأرغمته على تقديم تنازلات كبيرة ومجدية لصالح الأمة وقضاياها كلها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما المواقف المشرفة والمؤثرة على العدو الأمريكي الإسرائيلي الذي تبنته القيادة السياسية لشعبنا اليمني العزيز ممثلة بقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله تجاه القضية الفلسطينية وبالذات موقفه من العدوان الصهيوني على غزة هذه الأيام ومشاركته العسكرية الرسمية والعلنية بضرب الصواريخ البالستية والطيران المسيّر، وإغلاق باب المندب أمام سفن العدو الإسرائيلي إلا خير دليل على عظمة هذا المشروع وجدوائيته وأهميته وأنه بالفعل مشروع عظيم وفعال ومؤثر في واقع الأمة وواقع العدو، فهو من هيأ شعبنا اليمني لتبني هذه المواقف ورفع من مستوى وعيه، وهو من أخاف العدو وجعله يراجع حساباته أمام أي خطوة يقدم عليها.

وهذا الفضل والشرف كله-بعد الله سبحانه وتعالى-يحسب للشهيد القائد الذي أسس هذا المشروع فلولاه لما كان شيء من كل هذه الإنجازات وغيرها الكثير ثم هو كذلك لشهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم قرابين لله من أجل عزة أمتهم ورفعتها، وهو كذلك لقائد مسيرتنا القرآنية السيد عبد الملك يحفظه الله الذي أرعب بذكائه وحنكته وشجاعته وقوة إيمانه وصلابته في الحق كل قيادات قوى الاستكبار مجتمعة، وكل الشرف للمخلصين من أبناء شعبنا العزيز وأمتنا الحرة والأبية، والفضل لمجاهدي محور الجهاد والمقاومة وفي مقدمتهم أبناء الشعب الفلسطيني وحزب الله اللبناني وسوريا والعراق، وكل إنسان حُرٍّ وقف إلى جانب مظلومية غزة وشعب فلسطين.