مظلومية وانتصار

بعد فشل الانقلاب: هل يحول اردوغان تركيا لمقلب امريكي؟

بعد فشل الانقلاب:
هل يحول اردوغان تركيا لمقلب امريكي؟

بقلم / صارم الدين مفضل
الرئيس التركي رجب طيب ‫#‏اردوغان‬ يعد بالفعل شخصية قيادية فريدة من نوعها، مقارنة بمسئولي وقياديي احزاب وحكومات ودول المنطقة الاسلامية، استطاع ان يدمج بين علمانية ‫#‏تركيا‬ الموروثة عن مؤسسها مصطفى كمال اتاتورك على انقاض الخلافة العثمانية، وبين ديماغوجية الاخوان كتنظيم دولي أنشئ في نفس فترة سقوط الخلافة العثمانية على يد الداعية حسن البناء في مصر، فتوصل بذلك لنتيجتين هامتين:

الاولى اقتصاد قوي قائم على بنى الرأسمالية العلمانية.
والثانية تطبيع تام مع اسرائيل قائم على تبريرات الميكافيلية الاخوانية!

طبعا الى جانب الظروف الاقليمية والدولية التي خدمت اردوغان كثيرا في الوصول الى حكم تركيا العلمانية دون اي انقلاب عليه من الجيش -كما كان يحصل في السابق- بالنظر الى انتمائه لتنظيم الاخوان الدولي الذي يحلم باعادة امجاد الخلافة العثمانية.

ولولا ان هذه النقلة النوعية الناعمة جاءت على خلفية سعي القوى الدولية لتحقيق مشروعها الفتنوي بين العرب انفسهم وبينهم وبين المسلمين من خلال اثارة الصراع الطائفي والمذهبي في اامنطقة؛ لكان ما حصل في تركيا مفخرة حقيقية للاتراك ترقى بالتجربة العلمانية الى مصاف الانبياء المصلحين في الارض، حيث ان هذا الشيء لم يكن ليحصل في اعرق البلدان الغربية ديمقراطية كامريكا وبريطانيا وفرنسا وحتى في اسرائيل لا يسمح لمواطن فلسطيني ان يترشح لمنصب مهم يسمح له بحكم مدينة فيها فضلا عن الدولة او الكيان بكله!

عموما فانه وفي ظل المتغيرات الحاصلة او المتغيرات المستقبلية التي يمكن ان تحصل بالمنطقة كنتائج واثار لما سبق او وفقا للمشروع التوسعي في معادلة القطب الواحد فان الامريكي لن يكل او يمل -ومن وراءه اسرائيل- من الضغط باتجاه اقحام تركيا اردوغان على ارتكاب حماقات باتجاه الخارج، وتحديدا سوريا والعراق وايران، اعتمادا على طمعه وتوجهه الذاتي اصلا لارتكاب حماقات في الداخل؛ وبما سيسمح بتقييد النظام التركي واخضاعه اكثر بثمن أقل، ومرة مرتين سيجد اردوغان نفسه قد وصل سريعا الى نهاية اللعبة.
والنتيجة الحتمية للسير في تحقيق اطماع اردوغان في الداخل واطماع حلفائه في الخارج هي الحاجة الماسة للاستعداد لمواجهة انقلابات مزدوجة من الداخل والخارج لن يكون المتضرر منها سوى المواطنين الاتراك والدولة التركبة، بل سيكون الامريكي حينها جاهزا لتسليم الدور لشخص اخر وتوجه اخر، أو ربما -وهو الاقرب لمشروعه في المنطقة- ان يقوم بتقسيم الدور الى ادوار متعددة تتواءم والوضع القائم على خلفية ما ستحدثه فوضى الانقلابات من ارضية خصبة تسمح له بتحقيق حلم التقسيم في المنطقة ابتداءا بدولة كبيرة مثل تركيا.
طبعا اردوغان رجل ذكي وسيراوغ كثيرا، لكنه يظل محكوما بالايديولوجية الاخوانية المطعمة بالعلمانية كما اسلفت، وسيجد نفسه ملزما بالانبطاح مرة بعد اخرى حتى انتهاء فترة ولايته كفرد وليس كتنظيم، ليغادر السلطة متوشحا بالاوسمة والالقاب، ويترك باب السقوط الى الهاوية مفتوحا على مصراعيه لمن سيخلفه على عرش الاتراك، هذا ان لم تتسارع الاحداث ويتهاوى في عهده!

اخيرا يظل السؤال المطروح مشروعا، ويظل هذا السيناريو الدراماتيكي متوقعا وفقا للمعطيات الموجودة اليوم على الارض ضمن سياسة الاستقطاب الدولي الحاد، غير أني ارجو -ولا مناص من ذلك- أن يبادر اردوغان لحسم أمره مبكرا باتجاه قطع الاطماع الامريكية والاسرائيلية في تجييره وتجيير مقدرات بلده لمصلحة المشروع الصهيوني الرامي لتفتيت واضعاف دول الاقليم -ومنها تركيا- وزعزعة أمن واسقرار المنطقة عموما، ما لم فان العواقب ستكون وخيمة على تركيا والشعب التركي، وحينها لن يتعاطى العالم مع تركيا الا على انها مقلب امريكي لتفريخ الارهاب!